شيٌ مما نحن فيه

شيٌ مما نحن فيه

شيٌ مما نحن فيه

 صوت الإمارات -

شيٌ مما نحن فيه

عريب الرنتاوي
بقلم - عريب الرنتاوي

تعاود "فجوة الثقة" بين المواطن والحكومة اتساعها من جديد...ما بدا أنه تطورٌ غير مسبوق منذ ثلاثة عقود، في علاقة الدولة بمواطنيها، إن على خلفية الموقف الصلب من "صفقة القرن" و"مشاريع الضم"، أو كنتيجة للأداء المتميز للدولة بمختلف مؤسساتها لاحتواء "الجائحة" في بعديها الصحي والوبائي، ذهبت مفاعليه، أو هي في طريقها إلى ذلك...وليس سوى "مكابر" أو "جاهل" من ينكر حقيقة التأزم القائم في العلاقة بين الحكومة وشرائح واسعة من الرأي العام.
 
بعض أسباب هذه الظاهرة "موضوعي"، عائد بالأساس إلى تقديرٍ "متفق عليه"، بأن تداعيات جائحة كورونا الاقتصادية والاجتماعية، العصية على الاحتواء السلس والسريع، لا بد أن تترك ندوباً غائرة على سطح العلاقة بين الحكومة ومواطنيها، وهذا تقدير "عام" و"كوني"، لا يختص به الأردن وحده...لكن أسباباً أخرى، "ذاتية" هذه المرة، أسهمت في تسريع حالة الانفضاض الشعبي من حول الحكومة وتآكل الثقة بسياساتها، حتى أننا ونحن على عتبات استقبال "جولة ثانية" للفيروس الخبيء والخبيث، لا نجد الاستجابة الشعبية ذاتها للإجراءات الحكومية، بل ونجد من لا يصدق الأرقام الرسمية حول أعداد المصابين، فيما "نظرية المؤامرة" تشهد رواجاً من جديد، بحثاً عن تفسير لـ"المزاعم الرسمية" بعودة الفيروس إلى نشاطه.
 
من هذه الأسباب، تفاقم الأعباء الاقتصادية والاجتماعية على كاهل المواطن، وخشية الناس على مستقبلهم ومستقبل عائلاتهم، إذ حتى حين تلجأ الحكومة لإعادة تعريف الدين العام، وتسقط منه شرائح واسعة من الديون الداخلية، وتدفع الضمان الاجتماعي للتدخل لإطلاق سلسلة من "الحزم الاجتماعية الإغاثية"، تتعمق نظرة الشك، بدل أن تتبدد، ولسان حال المواطن يقول: "إنهم يدفعون من مدخراتنا طويلة الأمد، لسداد حاجات آنية وطارئة"...الخشية على مستقبل "الضمان" باتت عنواناً جديداً من عناوين انعدام الثقة واليقين.
 
وحتى حين أقدمت الحكومة على إطلاق حملة واسعة ضد الفساد، طاولت هذه المرة، حيتاناً كبيرة، نطق لسان حال المواطن بالشكوى من "الانتقائية" و"انعدام الشفافية"، ولم يشفع لوزير المال أنه جمع أكثر من 400 مليون دينار كحصيلة لحملات التدقيق والتفتيش، فظل الاتهام بالتجاوز على "سيادة القانون" حاضراً بقوة، إن لم يكن في العلن وعلى صفحات الصحف وصدارة نشرات الأخبار، ففي وسائط التواصل الاجتماعي وخلف الأبواب المغلقة.
 
وزاد الطين بِلّةً، إقدام الحكومة وأذرعها المختلفة، بحملات تضييق على "الفضاء العام"، بما هو منظومة من الحقوق والحريات، في التنظيم والعمل النقابي والاجتماع والرأي والتعبير وحرية الصحافة والإعلام...ما جرى بين الحكومة ونقابة المعلمين، وما سبقه من تأزم بين "الدولة" و"الإخوان" ترك بدوره شعوراً بالإحباط وخلّف وراءه إحساساً عميقاً بالقلق، وعزز "فجوة الثقة" من جديد، وأتاح مناخاً ملائما لانتشار الشائعة والخبر الكاذب، وأعاد الاعتبار لما يُسمى "معارضة الخارج" التي يزداد جمهور متابعيها ومُتلقفي أنبائها وتحليلاتها.
 
ومقابل التغطيات الإيجابية، الحافلة بعبارات الثناء والتثمين للموقف الأردني من "سياسات الضم" الإسرائيلية، وإداء الدولة زمن "الجائحة"، بدأت وسائل إعلام عربية ودولية، تحفل بالتقارير والبيانات، التي تدين وتنتقد السياسات الحكومية الجائرة على الحقوق والحريات، والمطالبة بالإفراج عن معتقلين والتراجع عن قرارات وإجراءات، لا تتعارض مع التزامات الأردن الدولية فحسب، بل وتنتهك دستوره وقوانينه النافذة.والمؤسف حقاً، أن كثير من هذه الظواهر المقلقة، التي تدهمنا ونحن على مبعدة أقل من ثلاثة أشهر عن الاستحقاق الانتخابي – النيابي، هي من صنع أيدينا، لم يكن لنا حاجة بها، وليس لها من داعٍ أو مبرر...لكأن التنغيص على فرحة الأردنيين بإنجازات دولتهم، بات "هواية" عند البعض، يصعب التوقف عن ممارستها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شيٌ مما نحن فيه شيٌ مما نحن فيه



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"

GMT 04:38 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

خدع بسيطة لتحصلي على عيون براقّة تبدو أوسع

GMT 01:20 2013 الأحد ,21 إبريل / نيسان

دومينو الـ10 ألاف "آيفون 5 إس" الجديد

GMT 01:14 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الإقامة الفاخرة في جزيرة جيكيل الأميركية

GMT 20:41 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

إريكسون يؤكد أن ساوبر أنقذت نفسها من موسم "كارثي" في 2017

GMT 10:32 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

دلال عبد العزيز تكشف عن تفاصيل دورها في "سوق الجمعة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates