بعد الزلزال الذي ضرب فتح، هل تجنح سفينة الانتخابات الفلسطينية

بعد الزلزال الذي ضرب فتح، هل تجنح سفينة الانتخابات الفلسطينية؟

بعد الزلزال الذي ضرب فتح، هل تجنح سفينة الانتخابات الفلسطينية؟

 صوت الإمارات -

بعد الزلزال الذي ضرب فتح، هل تجنح سفينة الانتخابات الفلسطينية

عريب الرنتاوي
بقلم - عريب الرنتاوي

حدث ما كان متوقعاً… الفصل الأخير من الاستعدادات لإجراء #الانتخابات #التشريعية_الفلسطينية، انتهى إلى "تشظي" حركة فتح، كبرى الفصائل، والعمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية، إلى ثلاث قوائم رئيسة: الرسمية (قائمة اللجنة المركزية)، وقائمة القائد الأسير مروان البرغوثي المتحالف مع عضو اللجنة المركزية المفصول: #ناصر_القدوة، والقائمة المنشقة منذ عدة سنوات، والمدعومة من #الإمارات، برئاسة العقيد #محمد_دحلان... وإلى جانب هذه القوائم الكبرى الثلاث، فضّل عشرات من كوادر فتح الوسيطة، خوض غمار الترشح على متن قوائم أخرى، أقل حظوة وحظوظاً.
 
الانتخابات التي أُريد لها وبها، أن تكون مدخلاً للمصالحة واستعادة الوحدة، صارت سبباً في انقسامات إضافية عصفت بـ "التيار المركزي" في #الحركة_الوطنية_الفلسطينية... ما الذي حصل؟ ... وكيف سينتهي؟ ... وما هي تداعياته على " #النظام_السياسي_الفلسطيني" من جهة، ومستقبل مسار التفاوض مع #إسرائيل، من جهة ثانية؟

ونقول، إن ما حدث لم يكن مفاجئاً، فصراعات فتح الداخلية، طافية على السطح، والأسير مروان البرغوثي بعث مراراً وتكراراً برسائل شديدة الوضوح: إما الاتفاق على "معايير موحدة" لتشكيل قائمة "فتحاوية" موحدة، والالتزام بها، وإما الذهاب إلى انتخابات تشريعية، بقائمتين أو أكثر... الرسائل ذاتها، وإن بدرجة أعلى من الوضوح ومستوى أقل من التأثير، كان بعث بها، ناصر القدوة (وزير خارجية أسبق)، حين أكد غير مرة، أن "النظام السياسي" بات عصياً على الإصلاح من داخله، وأن المطلوب "تغييره".

بتوجيه من الرئيس عباس، أجرت الحلقة الضيقة من معاونيه و"مطبخ قراره"، سلسلة من الحوارات مع القائدين الفتحاويين، وقُطِعت لهما تعهدات بالانصياع لمعايير "التجديد والتشبيب وحفظ التنوع والتوازن" في تركيبة القائمة الانتخابية... القدوة، لم يَبلع الطعم، والبرغوثي "لفظه" في ربع الساعة الأخير، بعد أن كاد يستقر في جوفه، إذ تراجعت اللجنة المركزية عن تعهداتها والتزاماتها السابقة، وفصّلت قائمة "على مقاس" الحفنة المتنفذة من رموزها وقيادتها.
 
ليستدرك البرغوثي الأمر في ربع الساعة الأخير، وليجد عند القدوة الاستجابة التامة، فحاجة الأخير للأول، أكثر من حاجة الأول للأخير... البرغوثي يحظى بقاعدة جماهيرية واسعة، حمته من مواجهة مصير مماثل لمصير القدوة، النخبوي: الفصل... ولتتشكل على عجل، قائمة "الحرية" من أنصار القائدين، وليَجري تسجيلها قبل انتهاء المهلة النهائية بساعة واحدة فقط.
 
ولقد كان واضحاً، منذ أن صدر المرسوم الرئاسي بإجراء الانتخابات العامة على ثلاث مراحل، تشريعية (22 مايو)، رئاسية (31 يوليو) ومجلس وطني (31 أغسطس)... أن لملمة شتات فتح والغاضبين منها والناقمين عليها، في قائمة واحدة، تبدو مهمة مستحيلة، وكانت النصيحة لفتح من كثيرين، هي أن تخوض الحركة الانتخابات بقائمتين متنافستين، على أن تعودا للعمل سوياً، تحت قبة المجلس التشريعي... لكن فكرة كهذه، ما كانت لتروق للرئيس عباس ومساعديه، الذين استشعروا منذ البدء، خطورة تشكيل قائمة فتحاوية أخرى منافسة، قد تحصل على عددٍ من المقاعد أكثر من تلك التي ستتحصل عليها القائمة الرسمية، وفقاً لما أشارت إليه الاستطلاعات، فتُطوى بذلك حقبة مديدة من التفرد والاستئثار، وتُفتح صفحة إصلاح النظام أو تغييره.
 
وزاد الأمر "صعوبة" على الرئيس وصحبه، كون القائمة الثانية، الموازية، محسوبة على شخصية وطنية – كارزمية، ذات شعبية واسعة، وهي مرشحة لمنافسة عباس على "الرئاسة الأولى" ومرشحة للفوز عليه، بدلالة مختلف استطلاعات الرأي العام الفلسطيني، بل وعلى أي مرشح آخر، من داخل فتح، أو حتى من صفوف حماس.
 
لقد كانت الساعات الثمانية والأربعين الأخيرة لتشكيل القوائم الانتخابية وتسجيلها، بمثابة زلزال هزّ البنية الراكدة، لفتح والسلطة، وهيهات أن يبقى الحالُ بعدها، كما كان عليه قبلها... لقد خرج من فتح، من يعلن العصيان على التفرد بقيادتها، والتمرد على نهج تهميش المؤسسات وتعطيل الحياة الديمقراطية الداخلية، لصالح "حفنة" من المسؤولين، أغلبهم، نما وترعرع على جذع السلطة وأجهزتها ومنافعها.

ولن تتوقف مفاعيل "الزلزال "، الذي ضرب فتح ليلة الحادي والثلاثين من آذار الفائت عند هذا الحد... فالحركة ما زالت مرشحة لتلقي المزيد من "الهزات الارتدادية"، ولقد رصدت وسائط التواصل الاجتماعي انسحاب ما يزيد عن "دزينة" من مرشحيها حتى الآن، فيما مظاهر الغضب، تهب على قيادتها من حيث لا تحتسب، برغم محاولاتها "شدّ العصب الفتحاوي"، واللعب بورقة لطالما كانت مؤثرة في لملمة شتات الحركة، لكن يبدو أن هذه الورقة، لم تعد تتمتع بالقدر ذاته من السحر والتأثير، بعد تجربة ربع قرن في السلطة، لم يكن حصادها وفيراً، حتى لا نقول، أنه جاء مثيراً للخيبة والإحباط.
 
لقد حاول الرئيس عباس، إظهار "بأسه الشديد" في التعامل مع حالات التمرد والإفلات من سلطته، فكان قراره المتسرع بفصل القدوة من "مركزية" فتح ورئاسة مؤسسة ياسر عرفات، درساً لكل من تسوّل له نفسه فعل شيء مماثل... هذا الأسلوب لم يحقق أغراضه إلا جزئياً وعلى نطاق ضيق ولبعض الوقت، لكن انضمام البرغوثي إلى قائمة "الخارجين عن طاعة ولي الأمر"، شجع وسيشجع آخرين، على رفع أصواتهم، والتمرد على الحالة الاستثنائية الشاذة، التي تميزت بتعطيل المؤسسات ومصادرة قرارها، على مستوى فتح ذاته، وعلى مستوى منظمة التحرير، بل وعلى المستوى الوطني، بتأخير الانتخابات العامة، لأكثر من خمسة عشر عاماً.
 
ستواصل القيادة المتنفذة في حركة فتح، سعيها لاستعادة زمام المبادرة، وستلجأ لسياسة العصا والجزرة، كما هو حال مختلف الأنظمة السلطوية وأحزابها الحاكمة، الأولى للمعارضين والمخالفين، والثانية للاتباع والموالين، والمؤسف أن الساحة الفلسطينية سجلت مؤخراً، توسعاً غير مسبوق، في استخدام العصا، لضبط خلافات القيادة مع أفراد وفصائل... لكن أغلب التقديرات، تقلل من قدرة هذه الأساليب، على إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، سيما إن تمكن البرغوثي وتياره العريض، من الصمود حتى موعد الانتخابات، والظفر بنصيب وافر من أصوات الناخبين فيها، على أمل الوصول إلى الانتخابات الرئاسية، إن جرت في موعدها، وفي حال صمد البرغوثي وفازت قائمته بنصيب وازن من المقاعد، فليس من المستبعد أن "يتقافز" كثيرون من سفينة القيادة المتنفذة "الجانحة".
 
وسيُسجل تاريخ الفلسطينيين المعاصر، أن عهد الرئيس محمود عباس، بدأ بأكبر وأعمق وأخطر انشقاق في صفوف الشعب الفلسطيني، وانتهى (أو يكاد) بأخطر عملية "فك وتركيب"، تصيب حركة فتح منذ سنوات وعقود... كما سيُسَجَّل أيضاً، أن بقاء النظام الفلسطيني القديم على قدمه، أو تشريع أبوابه لرياح الإصلاح والتغيير، إنما يعتمد بقدر كبير على حصاد قائمة البرغوثي-القدوة في هذه الانتخابات.
 
وللحقيقة والإنصاف، فأن ما شهدته فتح خلال الأيام الماضية، ليس سوى غيض من فيض، ما يجري على الساحة الوطنية الفلسطينية عموماً، فاللجنة المركزية للانتخابات، تعلن عن تقدم 36 قائمة للانتخابات المقبلة (أكثر من ضعف عدد القوائم في انتخابات 2006)، في تعبير عن توق الفلسطينيين للانتخابات أولاً، وفي إشارة رفضٍ للطبقة السياسية المتنفذة على ضفتي الانقسام، في رام الله وغزة ثانياً، وفي إعلانٍ صريح عن الضيق بـ "ثنائية فتح وحماس" ثالثاً"، وكانعكاس للتعدد الفلسطيني الثقافي والاجتماعي والسياسي والمناطقي والجهوي والطبقي و"الجيلي" رابعاً... وما عجزت فتح عن تحقيقه، عجزت قوى اليسار عن تحقيقه كذلك، حيث ستخوض فصائله الخمسة الانتخابات المقبلة، بأربع قوائم، بعد أن كان مأمولاً أن تخوضها بقائمة مشتركة.
 
على أن أخطر ما يمكن أن يترتب على "زلزال فتح"، هو إرجاء الانتخابات إلى أجل غير مسمى، فأغلب الظن، أن الرئيس عباس، لن يرتضي أن تَحلّ قائمته في الموقع الثالث في التشريعي، بعد قائمتي حماس والبرغوثي، ولن يستسيغ وجود "قطب ثانٍ" من داخل فتح وبيئتها وحاضنتها العريضة، فيفقد دور "الآمر الناهي" على كتلتها وحكومتها ونوابها، وسيسعى في تقطيع السبل أمام الأصوات المطالبة بتغيير النظام أو إصلاحه جذرياً... تلكم آخر ما كان يطرأ ببال الرئيس، وتلكم واحدة من أسوأ كوابيسه.

وستكون بحوزة القيادة المتنفذة، "ذريعتان" تلجأ إلى واحدة منهما أو كلتيهما: القدس وكورونا، لإرجاء الانتخابات... وقد تقفز عن "الاستحقاق الديمقراطي" مستعينة بالشعار الوطني "لا انتخابات من دون القدس"، وهو شعار له من يؤيده، وكان موضع إجماع في الحوار الوطني، لكن لم يكن يخطر ببال أحد، أن كلام "الحق" هذا، قد يقصد به باطلاً.

وستجد هذه القيادة، دعماً لقرار تأجيل الانتخابات إن هي أقدمت عليه، من قبل دولٍ عربية نافذة، لم تتردد في إخفاء قلقها من العودة لـ "سيناريو 2006" وفوز حماس الكاسح في "التشريعي"... إذ حتى الدول الأوروبية، الأكثر حماسة للانتخابات ودفعاً باتجاه إجرائها، ستتردد طويلاً، إن هي أحست بأن مفاجآت من العيار الثقيل، قد تكون في انتظارها، أما واشنطن، فهي تنأى بنفسها عن سجال الانتخابات، مكتفية بإشهار شروط الرباعية الدولية الثلاثة، في وجه أي فريق سيشكل الحكومة الفلسطينية المقبلة.
 
سبعة أسابيع تفصلنا عن لحظة الاستحقاق الانتخابي في فلسطين، وهي فترة كافية لكي يتصاعد الدخان الأبيض أو الأسود، من مدخنة الكنيست الإسرائيلي، الذي سيشهد بدوره، مخاضات عسيرة لتشكيل حكومة جديدة... بعدها، وبعدها فقط، يمكن التكهن بالخطوة التالية على المسار الفلسطيني – الإسرائيلي، وسبر أغوار المبادرات الرامية إحياء مسار تفاوضي، ذي مغزى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعد الزلزال الذي ضرب فتح، هل تجنح سفينة الانتخابات الفلسطينية بعد الزلزال الذي ضرب فتح، هل تجنح سفينة الانتخابات الفلسطينية



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 06:14 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

العاهل الأردني يلقي خطاب العرش في افتتاح مجلس الأمة العشرين
 صوت الإمارات - العاهل الأردني يلقي خطاب العرش في افتتاح مجلس الأمة العشرين

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 18:09 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميمات مختلفة لسلاسل من الذهب رقيقة تزيدك أنوثة

GMT 11:26 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تتسلم الدفعة الأولى من صواريخ "أس-400" الروسية

GMT 16:28 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

تسمية بافوس القبرصية عاصمة للثقافة الأوروبية

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 17:14 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بن راشد يُصدر مرسوماً بضم «مؤسسة الفيكتوري» إلى نادي دبي

GMT 01:20 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

نبضات القلب المستقرة “تتنبأ” بخطر وفاتك!

GMT 02:41 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"الفاتيكان" تجيز استئصال الرحم من المرأة لهذا السبب فقط

GMT 23:19 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

"Gameloft" تستعرض لعبة "Asphalt"بهذا الصيف

GMT 13:12 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض الكتاب الكويتي منصة متميزة لأصدارات الشباب الأدبية

GMT 09:48 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الإذاعة المِصرية تعتمد خِطة احتفلات عيد "الأضحى"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates