إيران وإسرائيل وحرب السفن

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

 صوت الإمارات -

إيران وإسرائيل وحرب السفن

عريب الرنتاوي
بقلم - عريب الرنتاوي

في السياق العام، ليس الهجوم الإسرائيلي على سفينة إيرانية، مدنية أو حربية، بالحادث الأول من نوعه، وقد لا يكون الأخير...التقارير الدبلوماسية والإعلامية تحدثت عن عدد كبير من الهجمات التي شنتها إسرائيل ضد أهداف "بحرية" في إيران، منها اثني عشر هجوماً في العام 2019، وعدد غير محدد في العامين التاليين.

أما من حيث التوقيت، فالهجمة الأخيرة على سفينة تقول إسرائيل أنها تتبع الحرس الثوري، وتعمل على تزويد الحوثيين بالمعلومات الاستخبارية اللازمة في حربهم على السعودية، بدت لافتة، إذ تزامنت مع بدء تصاعد الدخان الأبيض من موائد التفاوض في فيينا، ولا يمكن فهم هذا العدوان، إلا في سياق "الخربشة" و"التشويش" على مسار العودة الأمريكية للاتفاق النووي مع إيران.

إيران، ما زالت تحتفظ بـ "مقاربة الصبر الاستراتيجي"، أولى أولوياتها، إغلاق ملف الحصار والعقوبات، وهي لن تسمح لأحدٍ بأن يخرجها عن سكة المفاوضات، سيما بعد أن انطلق قطار الوساطة الأوروبية بأقصى سرعته في الأيام الأخيرة، محمّلاً بأنباء سارة لإيران وحلفائها في المنطقة...هذا يفسر جزئياً، لماذا تحجم إيران، أو تتريث طويلاً، قبل أن تشير بأصابع الاتهام لإسرائيل.

إيران قامت من قبل، بضرب سفينتين إسرائيليتين في بحر العرب، ولكنها "استعارت" من عدوها اللدود، سياسة "الغموض البناء"، بل وذهبت أبعد للتنصل من المسؤولية عمّا تعرضت له سفن إسرائيل التجارية...وعلينا أن نتوقع، كما يتوقع المستوى الأمني والعسكري في إسرائيل، مزيداً من عمليات التعرض الإيراني، لخطوط الملاحة الإسرائيلية مع آسيا والخليج والشرق الأقصى.

إسرائيل تراقب من جهة، أداء إدارة بايدن حيال إيران، وبكثير من الامتعاض والقلق، وقادتها منزعجون من الأنباء التي تتحدث عن تسارع وتيرة التفاوض لحلحلة عُقد الملف النووي الإيراني، والأجواء الإيجابية التي تغلّف هذه المفاوضات...بيد أن إسرائيل، وبرغم "عراضاتها" و"استعراضاتها"، أعجز من أن تشن حرباً شاملة على إيران، أو أن تتمكن من تدمير برنامجها النووي، وهي بكل تأكيد، تعرف أن التعرض لمنشآت هذا البرنامج، يمكن أن تكون له نتائج محدودة، بيد أن كلفه عالية.

وإسرائيل فشلت من جهة ثانية، في إقناع إدارة بايدن لاستكمال ما بدأته إدارة ترامب: سياسة الخنق الاقتصادي وتكتيك "أقصى العقوبات" و"تصفير الصادرات النفطية"، مع إبقاء "الخيار العسكري" جاهزاً على الطاولة، كما صرّح وألمح إلى ذلك، أركان كثر، من الإدارة السابقة...الفشل الإسرائيلي في هذا المسعى، يتكرر للمرة الثانية، الأولى كانت في العام 2015 مع إدارة أوباما.

بين هذين الخيارين المتعذرين، تلجأ إسرائيل إلى خيار ثالث، يمكن وصفه بـ"حرب استنزاف" ضد إيران: ضربات لأهداف في سوريا والعراق، اغتيالات، عمليات سيبرانية، واليوم "حرب السفن"...بالمعنى التكتيكي، هذا الخيار مزعج لإيران، ومكلف لصورتها ومكانتها، لكن من الناحية الاستراتيجية، خيار لا يعرقل برامج إيران أو يعطل سياساتها في الإقليم.

لا نستبعد أن تبادر إيران إلى ضرب سفن إسرائيلية، وأن تلجأ في الوقت ذاته، إلى "الغموض البناء"...ولا نستبعد أن يتصاعد الموقف بصورة تؤثر على حرية الملاحة الدولية في البحار والممرات المائية، وربما لهذا السبب بالذات، تحذر الأوساط الأمنية والعسكرية في إسرائيل، من أن "حرب السفن" هي سلاح ذو حدين، وأن إيران بمقدورها أن توجه صفعات كبرى لخطوط التجارة والملاحة الإسرائيلية.

أغرب ما في أمر الاعتداء الأخير، ربطه بمجريات الحرب على اليمن، ومحاولة إسرائيل تقديم عدوانها على سفينة إيرانية في عرض البحر، بوصفه "هدية" لبعض دول الخليج العربية، وتجسيداً لرؤية ما فتئت حكومة اليمين بزعامة نتنياهو ترددها، وتتحدث عن حلف إسرائيل عربي (شرق أوسطي) ضد إيران بوصفها التهديد الرئيس والخطر المشترك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران وإسرائيل وحرب السفن إيران وإسرائيل وحرب السفن



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 17:31 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

عملية قذف النساء أثناء العلاقة الجنسية تحير العلماء

GMT 04:40 2015 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

اختاري أفضل العطور في ليلة زفافكِ

GMT 00:04 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

هدف ثالث لفريق برشلونة عن طريق فيدال

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

لامبورجيني أوروس 2019 تنطلق بقوة 650 حصان ومواصفات آخرى مذهلة

GMT 20:46 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكتاب" يوجه التحية إلى سلطان لرعايته معرض الشارقة

GMT 14:58 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

البصري يطالب "المركزي" العراقي بالحدّ من منح إجازات مصرفية

GMT 02:08 2016 السبت ,16 إبريل / نيسان

اختاري عطرك بحسب شخصيتك

GMT 10:38 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

بروتوكول لإنشاء محطة لتحلية مياه البحر بقيمة 200 مليون جنيه

GMT 23:49 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تتويج السوري عمر خريبين كأفضل لاعب في آسيا لعام 2017

GMT 11:51 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يشيد بجهود شما المزروعي في دعم الشباب

GMT 03:12 2016 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

كعكات الموز والشوفان الصحية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates