حتى لا تصرفنا أزمات الداخل عن رؤية تحديات الخارج

حتى لا تصرفنا أزمات الداخل عن رؤية تحديات الخارج

حتى لا تصرفنا أزمات الداخل عن رؤية تحديات الخارج

 صوت الإمارات -

حتى لا تصرفنا أزمات الداخل عن رؤية تحديات الخارج

عريب الرنتاوي
بقلم - عريب الرنتاوي

صرفتنا وقائع الأيام الأربعة التي "هزّت" الأردن، عمّا يجري من حولنا من تطورات بالغة الدقة والأهمية، وهذا أمرٌ طبيعي، فأمن الوطن واستقراره، لا تتقدمهما أية أولوية أخرى، ونحمد الله، أن الأردن خرج من أزمة غير مسبوقة، بقدر أقل الخسائر، بعد أن بلغ القلق مبلغه.

في فيينا وكينشاسا، تجري مفاوضات بالغة الأثر على مستقبل الإقليم من حولنا، وستمسنا نتائجها وآثارها، أياً كانت...روج إيجابية تحلق في فيينا، وقد تنتهي مفاوضاتها بتفكيك عقدة الملف النووي الإيراني، وغالباً بشروط مواتية لطهران: عودة واشنطن للاتفاق أولاً، رفع كامل للعقوبات دفعة واحدة، عودة طهران لالتزاماتها بموجب الاتفاق...يبدو أن الأطراف المتفاوضة، تسير صوب هذه الوجهة، وإن لم تصلها اليوم، فالأرجح أن تبلغها غداً.

لكن طبول الحرب، تُقرع في سماء كينشاسا، فالوفد الأثيوبي المفاوض، يُعطي أذنا من طين وأخرى من عجين، لكل الاقتراحات المصرية – السودانية، ليس بخصوص المياه والملء الثاني لسد النهضة، بل حتى حين يتعلق الأمر بإطار المفاوضات وهوية الوساطة والوسطاء فيها...آبي أحمد، لا يكترث على ما يبدو بحاجة مئة وخمسين مليون مواطن في البلدين الشقيقين، للمياه، وهو ماضٍ في تعنته، ويسعى لفرض وقائع على الأرض، وبما ينذر بشتى العواقب وأكثرها سوءاً وخطورة.

في السلام على الجبهة الإيرانية، كما في الحرب في حوض النيل، ثمة انعكاسات مباشرة لما يجري على أمن الأردن واستقراره ومصالحه الحيوية...خروج إيران "منتصرة" من مفاوضات فيينا، وعودتها إلى المجتمع الدولي ونظامه المالي والمصرفي، يعني أن تغيراً دراماتيكياً سيكون طرأ على توازنات القوى في الإقليم، تمس حلفاء الأردن في الخليج، ويعني من ضمن ما يعني، تبدل الحسابات في العراق وسوريا ولبنان كذلك، وسيكون له انعكاساته على مسار الحل التفاوضي في اليمن...لا نعرف حتى الآن، كيف سيحصل ذلك، وبأي قدر، وفي أي اتجاه، ولكن تغييراً كبيراً سيكون قد طرأ على الإقليم برمته.

أما على جبهة "حوض النيل"، فلا أظن أن مصر والسودان سترتضيان خيار العطش والجفاف، وأنهما ستقامران بانسداد شريان حياتيهما...مخطئ من يظن إن الحرب ليست خياراً، ومن لا يقاتل لحفظ سبب عيشه وسر وجوده؟، وثمة مزاج عام في مصر على وجه الخصوص (لا أدري كيف هو الحال في السودان)، لخّصه الصديق الدكتور حسن نافعة في تغريدة له باستدعائه الآية الكريمة: "كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ".
 
تأخرت مصر لأكثر من عشر سنوات، قبل أن تضع "سد النهضة" على رأس جدول ألوياتها القومية، وتأخر العرب، الذين يستثمرون أمولاً كثيرة في أثيوبيا، في ممارسة الضغط على أديس أبابا للانصياع لصوت العقل والحكمة والقانون الدولي، وبدل الانحياز غير المشروط، والمقرون بالأفعال لا بالأقوال وحدها، تطوع بعضهم لعرض الوساطة بين العرب والأثيوبيين، متجاهلاً أن أثيوبيا بقيادة آبي أحمد، تستلهم "النموذج الإسرائيلي" في إدارة مفاوضات عبثية، لا هدف لها سوى "تقطيع الوقت" و"فرض الوقائع على الأرض" و"ابتلاع الحقوق".

إن اندلعت الحرب في حوض النيل، وهو سيناريو يزداد رجحاناً، فإن شراراتها ستطال الإقليم برمته، وستمتد إلى حوض البحر الأحمر كذلك، فنحن نتحدث عن ثلاثة من أكبر وأهم الدول الأفريقية، ولن نكون بمنأى عن شراراتها وشظاياها المتطايرة.

ما ينتظرنا من تحديات وتهديدات من حولنا (ومن بينها أيضاً، عودة نتنياهو لتشكيل حكومته السادسة)، يملي علينا تمتين جبهتنا الداخلية، وسد كل الثغرات والشقوق التي اعترتها، فلنجعل من الضارة نافعة، ومن التحدي فرصة، ولنشرع من دون إبطاء في التصدي لمهام الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي الجسام، فليس لدينا ترف الوقت، لتقضيته في أزمات داخلية، فائضة عن الحاجة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حتى لا تصرفنا أزمات الداخل عن رؤية تحديات الخارج حتى لا تصرفنا أزمات الداخل عن رؤية تحديات الخارج



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 16:12 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خليفة و بن راشد وبن زايد يهنئون رئيس بنما بذكرى الاستقلال

GMT 13:59 2015 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تصاميم على شكل الماس لحقائب "إن إس باي نوف"

GMT 10:32 2016 الجمعة ,04 آذار/ مارس

لوني شتاءك بأجمل موديلات الأحذية الـ Pumps

GMT 01:32 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عيش الرفاهية في فنادق ومنتجعات الجميرا الفخمة

GMT 01:28 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

«بنتلي» تفوز بلقب الشركة الأكثر تقديرًا في بريطانيا

GMT 23:18 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

الزمالك يهزم بتروجيت في دوري كرة الطائرة المصري

GMT 19:14 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على خطوات رئيسية لترتيب خزانة ملابسكِ الخاصة

GMT 11:52 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

6 أفكار أنيقة مميزة لزينة حفلات الزفاف

GMT 07:51 2013 السبت ,27 تموز / يوليو

جمال كامل فرحان يصدر رواية "كان ردائي أزرق"

GMT 04:48 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

رواية "الجنية" تمزج الواقع بالخيال بشكل واقعي

GMT 19:29 2013 الأربعاء ,22 أيار / مايو

خيبة المثقف في"طائف الأنس" لعبدالعزيز الصقعبي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates