الإخوان والتطبيعبراغماتية بلا حدود

الإخوان والتطبيع...براغماتية بلا حدود

الإخوان والتطبيع...براغماتية بلا حدود

 صوت الإمارات -

الإخوان والتطبيعبراغماتية بلا حدود

عريب الرنتاوي
بقلم - عريب الرنتاوي

نجحت جماعات الإخوان المسلمين، في تقديم نفسها بصورة "المقاوم الأشد صلابة" للتطبيع مع إسرائيل...تصدرت جمعيات ولجان مقاومة التطبيع، ونددت بدول وحكومات أقدمت عليه، ولم يسلم "المطبّعون" أفراداً ومؤسسات، من سهام نقدهم وإداناتهم...حتى أنهم، لم يتوقفوا عن المطالبة بإلغاء معاهدات سلام عربية مع إسرائيل، برغم مرور ما يزيد عن ربع قرن (الأردن)، وأحياناً أربعة عقود (مصر) على إبرامها.

في السنوات السبع الأخيرة، وبالأخص خلال العام الحالي، بدا أن موقف الجماعة من هذه المسألة الثقيلة بدلالاتها وتشابكاتها، لا يندرج في إطار "المبادئ العليا"، ولا تُسيّجه خطوطٌ حمراء، كما كان يُزعم ويُظن...بل هي "قضية سياسية"، قابلة للأخذ والعطاء، للشد والجذب، يمكن العيش معها، والتعايش مع من يُقدم عليها، وصولاً حد اعتبارها في بعض الأحيان: مكسباً وطنياً وانتصاراً عظيماً.

التطبيع مرفوض، ومعاهدات الصلح واجبة الإلغاء، طالما أن الجماعة في المعارضة، أما حين تنتقل الجماعة إلى السلطة، أو تشارك فيها، فالتطبيع مقبول، وإن كان صعباً، والمعاهدات واجبة النفاذ، و"البروتوكولات" تسمح لرئيس دولة إخواني بمخاطبة شمعون بيريز بــ "عزيزي وصديقي العظيم"، وأن ينهي رسالته له، بعبارة: "صديقكم الوفي".

التطبيع مرفوض ومدان، وهو طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني الشقيق وخيانة لقضيته الوطنية وقدسه ومقدساته، طالما أنه يصدر عن دولة أخرى، سيما إن كانت لديها خلافات مع الدولة التي تنتمي إليها الجماعة، وبالأخص، إن كانت علاقة الجماعة بالحكم والحكومة في البلد المذكور، تتميز بقدر من التعايش أو "المشاركة"...أما حين تُقدم "حكومة هذا البلد" على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، فالإخوان يفضلون ابتلاع ألسنتهم، والتذكير بالدعم التاريخي المقدم من بلدهم للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، وفي أحيان أخرى، تلهج ألسنتهم بالثناء على "حكمة" القرار و"عقلانية" الخطوة و"عبقرية" توقيتها، مشفوعة بسيل من التأكيدات على أن قرار بلادهم بالتطبيع، لا يستبطن أي تغير في مواقفها من قضية فلسطين.

يصبح المشهد "سريالياً" للغاية، وانت تتابع التراشق الإعلامي بين جماعات إخوانية أو ذات مرجعية إسلامية، على ضفتي الحدود بين دولتين عربيتين، على خلفية التطبيع، إذ يصدر كل فريق عن رأي حكومته، وليس عن "مرجعياته"...هنا، لا تسقط "الثوابت" المتصلة بـ"فلسطين، أرض الوقف الإسلامي" فحسب، بل ويسقط معها مفهوم "الأمة" المُؤَسس للفكر الإخواني-الإسلامي، إذ ينحاز كل فريق إخواني لـ"وطنيته"، كما تعرفها وتقرر أولوياتها ومصالحها النخبة الحاكمة، وليس الشعوب باختياراتها الحرة والطوعية.

وثمة "تطبيع حلال" وآخر "حرام" عند الجماعات الإخوانية على ما يبدو، فهم يستشيطون غضباً، إن أقدم تاجر على شراء صناديق المانجا من إسرائيل، ولا يحركون ساكناً، وهم يرون تجارة نشطة تقفز فوقف حاجز السبعة مليارات دولار بين تركيا وإسرائيل...هم يقيمون الدنيا ولا يقعدونها، إن جددت دولة ما لسفيرها وطاقهما العامل في تل أبيب، ولا يذكرون من قريب أو بعيد، إقدام أنقرة على تعيين سفير جديد لها في اسرائيل، ومن خريجي الجامعة العبرية ذاتها...هم يحملون على "هرولة" بعض العرب للتطبيع، ويستقبلون بكل الترحاب، دبلوماسيين من دول عربية أخرى، في غزة، حتى وإن هبطوا أولاً، في مطار بن غوريون وجاءوهم عبر حاجز إيريتز، محملين بـ"المال الحلال"، وبحراسة جنود إسرائيليين.

خلاصة القول، إن براغماتية الجماعة، لا حدود لها، ولا تقف عند جدران عقائدية أو مبدئية، حتى في مسألة التطبيع، وقد آن أوان طي صفحات المزايدات الفارغة، و"ضبضبة" مفرداتها المنتفخة، فالأشهر الأخيرة، جاءت كاشفة للعورات، ولولا أن في الفم ماء كثير، لتوسعنا في ذكر مزيد من التفاصيل المشفوعة بأسماء الأشخاص والأحزاب والبلدان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإخوان والتطبيعبراغماتية بلا حدود الإخوان والتطبيعبراغماتية بلا حدود



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates