لماذا ننتخب

لماذا ننتخب؟

لماذا ننتخب؟

 صوت الإمارات -

لماذا ننتخب

عريب الرنتاوي
بقلم - عريب الرنتاوي

عندهم: أكثر من 140 مليون أمريكي أدلى بصوته، عن قرب وعن بعد، في الانتخابات الأخيرة... في بعض الولايات والمقاطعات، تلقى الناخبون والناخبات "إرشادات" مسبقة من مؤسسات المجتمع المدني: احرصوا على أخذ وجبة خفيفة، أخضروا مقاعدكم خصوصاً كبار السن منكم، ارتدوا المعاطف الواقية من المطر أو أحضروا "الشمسيات"، لا تنسوا الماء والمعقمات، ارتدوا الكمامة باستمرار ... إرشادات ضرورية خصوصاً في بعض مراكز الاقتراع التي تعين على الناخب أن ينتظر أمامها لخمس ساعات حتى يدلي بصوته.
عندنا: مليون أو مليون ونصف ناخب وناخبة، سيدلون بأصواتهم في يوم الاقتراع العظيم ...يتعين على المترشح للانتخابات، أن يشكل مسبقاً، لجنة خاصة، تسمى لجنة النقل والمواصلات، وأن يتعاقد مسبقاً مع عدد من سائقي السيارات العامة والخاصة والحافلات الكبيرة والصغيرة، فالناخب لا يخرج من بيته إلى مركز الاقتراع، دون وسيلة نقل، ولا بأس إن أُحضرت الساندويشات والعصائر لتوزيعها على الناخبين، لا ضمانة من أي نوع، لأن يخرج الناخب من بيته إلى صندوق الاقتراع، دون تحضير وتحفيز مسبقين، ودون تسهيلات "لوجستية" وأحياناً "غذائية" كافية.
عندهم: ثلثا الأمريكيين خرجوا للاقتراع برغم الجائحة الوبائية، والأزمة الاقتصادية ورداءة الأحوال الجوية في بعض الولايات، ليسجلوا سابقة هي الأولى منذ أزيد من قرن ...
عندما: إن وصلنا لنسبة الثلث التي سجلناها في الانتخابات السابقة، كنّا في أحسن حال، أغلب التقديرات تشير إلى أننا قد نصل إلى نسبة الاقتراع ذاتها ... هذه المرة، الجائحة الوبائية تلعب دوراً إضافية في "زيادة الطين بلّة"
عندهم: الانتخابات هذه المرة، تجري في مناخات الاستقطاب والانقسام، والأمريكيون مشغولين بمستقبل الديمقراطية في بلادهم، في ظل تصاعد "العنصرية" و"الشعوبية" ونظرية "تفوق الرجل الأبيض" ... ثمة "دافع إيديولوجي" في وطن البراغماتية الأول، يخرج الناس من بيوتهم إلى مراكز الاقتراع برغم العوائق والعراقيل
عندنا: لدينا مائة سبب وسبب، لكي نخرج عن بكرة أبينا إلى صناديق الاقتراع: الجائحة، الأداء الحكومي، والضائقة الاقتصادية، انحباس مسار الإصلاح السياسي، التهديدات الخارجية: صفقة القرن وتفريخاتها ... لكننا مع ذلك لا نخرج، ولا نلقي بالاً بكل الدعوات المثيرة للسخرية على جنبات الطرق، التي تدعونا للتعامل مع صوتنا كأمانة، نعطيها للصادق الأمين الذي سنستأجره لسنوات أربع قادمة.
عندهم: كل من خرج إلى مركز الاقتراع أو القى بصوته في صندوق بريد، كان يؤمن أشد الإيمان، بأن صوته سيحدث فرقاً، وأن وجهة الولايات المتحدة واتجاهاتها تتوقف عليه، وأن حكومته المقبلة، ستتشكل بناء على نتائج الانتخابات، ومعها ستتقرر السياسات والبرامج وترتسم الأجندات لسنوات أربع قادمة على أقل تقدير.
عندنا: لا يدري معظمنا، إن لم نقل جميعنا، لماذا ننتخب، طالما أننا سننتهي إلى برلمان "منزوع الدسم"، وحكومات لا صلة لها بنتائج الانتخابات، وبرامج وسياسات لا تتأثر بمحتويات صناديق اقتراعنا ... لماذا ننتخب طالما أن غدنا سيكون شبيهاً بأمسنا، انتخبنا أم لم ننتخب... البعض سيرى هذا الموقف محبطاً وسلبياً جداً، حنانيكم ... أليس هذا هو لسان حال غالبية الأردنيين؟ ... ألم يثبت طوفان الاستطلاعات بأن الأردنيين فقدوا الثقة بمؤسستهم التشريعية، وأنهم وحدهم من دون شعوب الأرض، من يحتفل بحلها قبل انتهاء ولايتها الدستورية ... لماذا العجب والاستغراب، ولماذا لا نفكر بتغيير هذه الوجهة وذاك الاتجاه، لماذا لا نجرؤ على مصارحة أنفسنا، بأننا نخشى التغيير ونحاذره، وأننا ماضون في سلوك الطريق ذاته، منذ عقود ثلاثة، على أم أن نصل إلى نهايات مختلفة؟
عندهم: طوفان المقالات والتحليلات والمقابلات والدراسات التي كتبت لرصد وتتبع ما الذي سيترتب على الانتخابات، في السياستين الداخلية والخارجية، ومن سيتأثر بنتائجها سلباً أم إيجاباً
عندنا: دلوني على مقال واحد، حاول كاتبه استشراف المشهد الأردني بعد العاشر من نوفمبر؟ ... المسألة هنا لا تتعلق بالفارق بين الولايات المتحدة كدولة أعظم، جارة لكل دول العالم، والأردن البلد الصغير ذي الموارد المحدودة، المسألة على إطلاقها ... مقال واحد فقط يتحدث عن أثر الانتخابات المقبلة على السياسة الداخلية الأردنية، وكيف يمكن أن تتأثر بعض مواقفنا وتوجهاتها الخارجية بنتائج الانتخابات ... لا يوجد شيء كهذا، لأن احتمالاً من هذا النوع، ليس مدرجاً على جدول أعمالنا على الإطلاق
ثم، نتساءل ساخطين: لماذا لا ننتخب؟ ولماذا لا ينتخبون؟ ... مع أن السؤال الأهم: هو لماذا ننتخب؟
أيها السادة: لسنا أمام أحجية لا حل لها ... من أراد للأردنيين أن يخرجوا طواعية من بيوتهم إلى صناديق الاقتراع، من دون "حوافز" و"بدل مواصلات"، عليه أن يجرؤ على استحداث "الاختراق" على مسار الإصلاح السياسي، بدءاً بقانون جديد للانتخاب، يعلي من شأن الوطن على حساب هوياته الفرعية، ويعظم من شأن الحزب على حساب العائلة والحامولة والعشيرة، بخلاف ذلك، سنظل ندور في الحلقة المفرغة ذاتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا ننتخب لماذا ننتخب



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates