الفلسطينيون بين مطرقة الهرولة وسندان الولولة

الفلسطينيون بين مطرقة "الهرولة" وسندان "الولولة"

الفلسطينيون بين مطرقة "الهرولة" وسندان "الولولة"

 صوت الإمارات -

الفلسطينيون بين مطرقة الهرولة وسندان الولولة

عريب الرنتاوي
بقلم - عريب الرنتاوي

رسمياً، ثمة ستة دول عربية ترتبط بإسرائيل بعلاقات "سلام" و"تطبيع" بهذه الدرجة أو تلك، وهي إلى جانب السلطة الفلسطينية، كل من مصر والأردن، ولاحقاً الإمارات والبحرين، واليوم السودان، من أصل 22 دولة عضو في جامعة الدول العربية...وثمة عدد آخر من الدول، يحتفظ بعلاقات متفاوتة معها من "تحت الطاولة وفوقها"، إلا أنها ما زالت تنتظر اختيار "التوقيت الأنسب" لـ"ترسيمها" و"شرعنتها" ... بعض حكوماتنا وأنظمتنا سارع لتقديم "الهدية" لدونالد ترامب، على أمل مساعدته في العودة لولاية ثانية، وبعضها الآخر، ربما يفكر بتقديمها "عربون صداقة" لإدارة ديمقراطية بزعامة جو بايدن.
 
الخلاصة، أن "الهرولة" صوب التطبيع، باتت سمة عامة للموقف العربي، وقطار "السلام" و"التطبيع" الذي انطلق من كامب ديفيد قبل أزيد من أربعة عقود، واكتسب زخماً إضافياً مع انطلاق مسار مدريد – أوسلو – وادي عربة، يستأنف اليوم، مسيره "الجارف" صوب عواصم عربية عدة، والأرجح أنه سيمر بمعظم إن لم نقل جميع، محطاته العربية.
 
بالطبع، لا تمتلك المحطات التطبيعية العربية الوزن ذاته، فالتطبيع الإسرائيلي مع البحرين لا يقارن بالتطبيع مع الإمارات، لاختلاف أوزان وأدوار و"نوايا" و"أجندات" الدول المختلفة، وكذا الحال بالنسبة للسودان ... المحطة الأخطر كانت بخروج مصر عن الإجماع العربي في العام 1977، تلتها المحطة الفلسطينية التي شرّعت الأبواب أمام جهود التطبيع ومحاولاته، اليوم تتجه الأنظار إلى ما يروّجه دونالد ترامب، من دون كلل أو ملل، من أن السعودية ستلتحق بقطار التطبيع، وستمتطي واحدة من عرباته الخمس القادمة، حينها سنكون أمام انعطافة كبرى في المشهد العربي، وسنكون أمام نقطة تحوّل في التحالفات والمحاور والأولويات العربية والإقليمية، الصورة ستنقلب رأساً على عقب.
 
من غير الجائز "التهوين" أو "التهويل" بفداحة الأثر الذي ستتركه هذه التطورات على أوضاع الفلسطينيين، الذين لم تصح فيهم مقولة "يا وحدنا" من قبل، كما تصح اليوم ...القول بإن العرب لم يقدموا الكثير للفلسطينيين "أصلاً"، ينطوي على قدر كبير من "التهوين" بخطورة التحولات الجارية من حول القضية الفلسطينية ... أما "التهويل" فتختصره عبارات وردود أفعال تفترض أن "هرولة" النظام الرسمي العربي للتطبيع، هي نهاية مطاف الحركة الوطنية والمشروع الوطني الفلسطينيين ... هذا ليس صحيحاً على الإطلاق، فلو نجحت إسرائيل في تطبيع علاقاتها مع جميع الدول العربية، إلا أنها ستستيقظ صبيحة اليوم التالي على سبعة ملايين فلسطيني يعيشون ويتكاثرون ويقاومون، تحت جلدها.
 
"الهرولة" للتطبيع، تعطي إسرائيل عنصر قوة إضافي في صراعها مع الفلسطينيين، فضلاً عن عناصر القوة والتفوق التي تتوفر عليها كقوة احتلال مدججة بالسلاح والكراهية، ومدعومة بلا قيد أو شرط من قبل الدولة الأعظم ... الهرولة" ستضعف قدرة الفلسطيني مقاومة عدوهم ومغتصب أرضهم وحقوقهم، بيد أنها لن تسقط إرادتهم في البقاء والصمود والمقاومة ... هذه حقيقة يدركها الإسرائيليون، غير المهجوسين بالحسابات الانتخابية لنتنياهو وصحبه، مثلما تدركها الأجيال الفلسطينية الشابة والشائخة على حد سواء.
 
لكن من يتابع أداء السلطة والفصائل وحماس، ينتابه إحساس عميق بكارثتين محدقتين، من صنع أيدي الفلسطينيين هذه المرة، وليس من صنع أيادي أعدائهم وخصومهم...الأولى؛ إنهم يزدادون انقساماً وتتعمق فجوة الثقة بين كياناتهم المختلفة، كلما تسارعت "الهرولة" وتفاقمت تحديات "الصفقة" و"الضم"، بدلالة أن الموجة المتفائلة، القصيرة على أية حال، بقرب إنهاء الانقسام واستعادة المصالحة، تبدو اليوم عرضة للتبديد والضياع... والثانية؛ أن "الولولة" على ما يبدو، هي الخيار الأسهل الذي تلجأ إليه السلطة والفصائل وحماس، في مواجهة "الهرولة"، لا فعل ميدانياً على الأرض، لا في فلسطين، ولا مع "الشوارع" العربية بقواها ومنظماتها المناهضة للتطبيع والمتمسكة بفلسطين قضية قومية مركزية أولى للأمة العربية بأسرها، إذ باستثناء البيانات المعدة سلفاً، والتي تبدو صورة عن بعضها البعض، مع تغيير طفيف في تاريخ الصدور واسم الدولة المستهدفة، لا يبدو أن لدى "القوم" ما يفعلونه، لكأن "الولولة" هي خيارهم الاستراتيجي الوحيد في مواجهة "الهرولة".
 
مع أن التطورات الخطيرة والمتسارعة في المشهد العربي، تملي مراجعات شاملة واستراتيجيات جديدة، تأخذ بنظر الاعتبار، أن لا وجود لشيء اسمه "النظام العربي" أو "الإجماع العربي"، وأن مبادرة السلام العربية قد ماتت وأن أصحابها هم من يهيلون التراب فوق جثتها الهامدة، وأن الاكتفاء بالقول إن ما يفعله بعض العرب، هو خروج عن إجماعهم ونظامهم ومبادرتهم، لم يعد قولاً مجدياً بأي حال من الأحوال، حتى وأن رغبنا الاستمرار بالتذكير به، من باب "السجال" وضرورات "كسب المناظرة" ... لقد آن الأوان، لاستراتيجية وطنية فلسطينية جديدة، مبنية على عناصر القوة الفلسطينية الذاتية أساساً، من دون إغلاق البوابات في وجه ما يمكن أن ينضاف إليها من عناصر الدعم والاسناد، الشعبي أساساً، من المجتمعين العربي والدولي، وللحديث بقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفلسطينيون بين مطرقة الهرولة وسندان الولولة الفلسطينيون بين مطرقة الهرولة وسندان الولولة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 21:47 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند
 صوت الإمارات - عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
 صوت الإمارات - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 صوت الإمارات - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 14:42 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 17:17 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 19:08 2015 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

طقس فلسطين غائمًا جزئيًا والرياح غربية الأربعاء

GMT 02:06 2016 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

"سامسونغ" تطلق Galaxy S7 قريبًا

GMT 14:46 2014 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق كتاب للشيخة اليازية بنت نهيان بن مبارك آل نهيان

GMT 22:58 2015 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

سامسونغ تربح المليارات والفضل للهاتف "S6"

GMT 14:40 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

كلاب الدرواس تهاجم الناس وتقتل المواشي في مقاطعة صينية

GMT 07:31 2013 السبت ,24 آب / أغسطس

الصين ضيفة شرف معرض إسطنبول للكتاب

GMT 04:15 2016 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

ديمو P.T يعاد تطويره في لعبة Dying Light

GMT 09:00 2015 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

شركة "سوني" تكشف رسميًا عن هاتفها "إكسبريا زي 4"

GMT 06:14 2014 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

كوثر نجدي تطرح مجموعة جذّابة من فساتين السهرة

GMT 05:31 2018 الأحد ,18 شباط / فبراير

نادي الفروسية في الرياض ينظم حفل سباقه الـ"52"

GMT 11:23 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

جمعية "أم القيوين" الخيرية تتفاعل مع المسنين في عام زايد

GMT 14:49 2016 الخميس ,03 آذار/ مارس

المخ يدخل في صمت عندما نتحدث بصوت عال
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates