انتخابات الرياء الإيرانية

انتخابات الرياء الإيرانية

انتخابات الرياء الإيرانية

انتخابات الرياء الإيرانية

 صوت الإمارات -

انتخابات الرياء الإيرانية

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

في أي انتخابات، كمثل الانتخابات المصطنعة التي تدور الآن في إيران، من المتوقع للناخبين تحديد خياراتهم استناداً إلى أسس الشخصية السياسية، وسجل الإنجازات، والبرنامج الانتخابي للمرشحين. ومع وضع هذه العوامل الثلاثة نصب الاعتبار، يمكننا طرح تساؤل حول الكيفية التي سوف يحكم بها الناخب الإيراني العادي على المرشح الرئاسي الأبرز وهو الرئيس الحالي حجة الإسلام حسن روحاني الذي يسعى لفترة رئاسية ثانية في طهران. دعونا نبدأ بعنصر الشخصية السياسية.

أعاد السيد روحاني، بموهبة الروائي الفذة، كتابة قصة حياته السياسية لكي تتسق وتتماهى مع الظروف الراهنة. كان إبان عقد السبعينات موجوداً في إنجلترا يحاول دراسة اللغة الإنجليزية وتصميم المنسوجات. ومع غيوم الثورة الإسلامية التي بدأت تلوح في الأفق الإيراني خلع على نفسه عباءة طلاب العلم وسوّق نفسه كطالب للعلوم الدينية على المذهب الشيعي، وقضى لأجل ذلك بضعة أسابيع في مدينة «قم» الإيرانية. كما عمد إلى تغيير اسم عائلته من «فريدون»، وهو مسمى الملك الفارسي الأسطوري الذي يعتبر أب القومية الإيرانية، إلى اسم «روحاني»، اللفظة العربية التي تعني في اللغة الفارسية كل ما هو «دينيّ» أو «روحيّ»! ومن واقع معرفته بأن بعض الإيرانيين، كمثل الكثيرين ممن سواهم فيما يُعرف بالعالم النامي، يُلحقون أهمية قصوى بالألقاب الأكاديمية الرنانة، ولا سيما تلك المتحصل عليها من الأكاديميات الجامعية الغربية، بحث السيد روحاني «متسوقا» عن إحدى درجات الدكتوراه من أوروبا.

وفي أول الأمر، حاول الالتحاق بإحدى الجامعات الفرنسية والحصول منها على واحدة من درجات الدكتوراه الجامعية التي تمنحها فرنسا إرضاء لشهية بعض المشتاقين من «العالم الثالث». وبرغم ذلك، وأد انهيار العلاقات الدبلوماسية بين طهران وباريس، بسبب تحول السفارة الإيرانية في العاصمة الفرنسية إلى وكر للإرهابيين، حلم السيد روحاني الوليد في مهده. وبحلول ذلك الوقت، ترقى السيد روحاني إلى منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وعثر لنفسه على صديق مقرب في شخصية جاك سترو وزير الخارجية البريطاني. مما أدى، في لاحق الوقت، إلى مشورة أعقبها ترتيب من جانب السيد سترو لتحقيق حلم السيد روحاني بالحصول على درجة الدكتوراه من إحدى الجامعات البريطانية.

وكانت الأكاديمية الجامعية التي وقع الاختيار عليها هي جامعة كالدونيان «الخاصة» في مدينة غلاسكو الاسكوتلندية، والتي كانت على استعداد لمنح السيد روحاني درجة الدكتوراه في «الشريعة الإسلامية». ظل السيد روحاني قريباً من، أو هو في قلب، الدوائر الداخلية للسلطة في طهران لفترة من الزمن تقارب الأربعين عاما. ويزعم السيد روحاني، في مذكراته، أنه لما كان في سن 12 عاما من عمره، كان قريب الصلة من آية الله محمد بهشتي، الذي يعتبر رجل النظام القوي قبل أن يطيح به الإرهابيون في عملية اغتيال وقعت في عام 1981. وهذه المزاعم تحتمل الخطأ كما تحتمل الصواب. ولكن الحقيقة مفادها أن السيد روحاني كان شديد الاهتمام لأن يكون وثيق القرب والصلة بـ«رجل النظام القوي» في ذلك الوقت.

ولقد أدى به ذلك النهم إلى الاقتراب من حاشية هاشمي رفسنجاني، والذي كان المدير الفعلي للمشهد السياسي الإيراني في الفترة بين عامي 1988 و1997. وفي الأثناء ذاتها، برغم كل شيء، حافظ السيد روحاني على صلات قوية مع الأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية في إيران بما في ذلك رئيس ما يُعرف بتكتل خاتم الأنبياء الذي يشرف على ويدير الإمبراطورية التجارية العملاقة التابعة للمؤسسة العسكرية الإيرانية. وعندما يتعلق الأمر بالشخصية السياسية، فإن السيد روحاني هو من أبرع اللاعبين الميكيافيللين في أنقى صورها. وأهم المهمات بالنسبة إليه هو نصيبه من السلطة. فإن كان هذا يعني التلويح بمنديل من الحرير الخالص فسوف يلوح به، وإن كان يعني الضرب بقبضة من حديد صارم فسوف يضرب بها.

غير أن أصدقاءه يصفونه بالإصلاحي المعتدل! ومع ذلك، فالرجل لم يسبق له أن دعا إلى - ناهيكم عن التقدم بأي - مشروع إصلاحي واضح الملامح على الإطلاق. فهو على أقصى تقدير «ساع إلى الإصلاح»، غير أنه لم يُفصح قط عن فحوى ما يصبو إليه على وجه التحديد. أما بالنسبة إلى مزاعم الاعتدال، فهو لا يفقد فرصة قط إلا ويتباهى ويفتخر بحماسته الثورية الراسخة. وفي الحملة الانتخابية الحالية، رسم السيد روحاني لنفسه صورة زعيم المعارضة، موجها الانتقادات الشديدة للمرشحين المنافسين الآخرين بأربعة عقود من القمع والاضطهاد.

وربما يرجع السبب في ذلك إلى أنه أدرك أخيراً أن أصحاب الكلمة الأخيرة في السباق الانتخابي الراهن قد قرروا التخلي عنه، ومن ثم اتخذ قراره بحيازة قدر من الاحترام لدى الجماهير على أدنى تقدير. ومن الممكن أيضا أنه من خلال الهجوم على النظام الحاكم يأمل السيد روحاني في خداع شريحة من الطبقة المتوسطة من الشعب الإيراني للذهاب إلى صناديق الاقتراع ومنح الممارسات السياسية الزائفة قدراً من المصداقية والاعتبار. ولسوف يستلزم الأمر قفزة رائعة من الخيال الواهم للتصويت لصالح السيد روحاني بناء على قوة شخصيته السياسية. فماذا عن سجل الإنجازات؟ حسناً، وفقاً إلى البيانات الرسمية، شهدت إيران في عهد روحاني أربعة أعوام من النمو الاقتصادي السلبي أو ربما الصفري.

تفيد تقارير مجلس الاقتصاد الإسلامي الإيراني (أصل 44) بالتضخم مزدوج الأرقام الذي قد يصل إلى 50 في المائة. كما تفيد تقارير المجلس أيضا بأن معدلات البطالة بين الشباب تتجاوز نسبة 25 في المائة مع الآلاف من الشركات المملوكة للقطاع الخاص قد أعلنت إفلاسها. وتتفق المؤشرات الرسمية بأن إيران اليوم قد صارت أفقر مما كانت عليه قبل أربع سنوات مضت. ووعود روحاني بسيل من الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة صوب إيران بعد اتفاقه النووي المبرم مع واشنطن لم يتحقق منها أي شيء يُذكر.

وفي إطار ما يسمى الاتفاق النووي مع القوى الكبرى وضعت إيران قطاعات كبيرة من الصناعة، والسياسات العلمية، والتجارة الدولية تحت الإشراف الأجنبي لمدة تتراوح بين 10 إلى 25 عاما (وفي بعض الحالات إلى آجال غير مسماة) من خلال مجموعة دول (5+1) التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية. وكان ملف السياسة الخارجية للسيد روحاني يعكس حالة من الفشل الذريع. إذ تعاني إيران من عزلة دولية أكثر من أي وقت مضى، واستراتيجية «التوجه شرقاً» الوهمية مع روسيا تخضع بالكامل لتوجيهات المرشد الأعلى علي خامنئي.

ولا يجرؤ السيد روحاني على مجرد التساؤل حول التورط الإيراني باهظ التكاليف في المستنقعات السورية واليمنية. وتدور كثير من التساؤلات حول سجل إنجازات السيد روحاني فيما يتعلق بالأمن القومي. ووفقاً إلى محمود علوي رئيس وزارة الاستخبارات والأمن الوطني الإيراني، فإن إيران قد شهدت ما يربو على مائة هجمة إرهابية عبر الحدود المشتركة مع العراق وباكستان. فماذا عن ملف حقوق الإنسان؟ شهدت إيران في عهد السيد روحاني أكبر رقم مسجل لتنفيذ أحكام الإعدام منذ عام 1988، حيث احتلت المرتبة الأولى عالمياً في ذلك.

كما تحتل إيران المرتبة الثانية على العالم من حيث عدد السجناء السياسيين وسجناء الرأي (بعد تركيا). ومن الممارسات الراهنة المعتادة نجد إغلاق الصحف والمواقع الإلكترونية، وإلقاء القبض على المواطنين لاتهامات واهية، وحظر إقامة الحفلات الموسيقية، وإدراج مختلف الكتب والمؤلفين على القوائم السوداء. ووفقاً إلى وسائل الإعلام الحكومية الرسمية، فإن الفساد، الذي يعتبر من أهم سمات الحكم الخميني، بات خارج نطاق التحكم والسيطرة. ووفقاً للتقديرات الحكومية، فإن 25 في المائة من الواردات الإيرانية تمر عبر الموانئ غير القانونية وقنوات السوق السوداء الخاضعة لسيطرة الشبكات الأمنية والعسكرية في إيران. ووفقاً كذلك إلى السيد علوي وزير الاستخبارات والأمن الوطني الإيراني، فهناك ما يقرب من 35 مسؤولاً من كبار المسؤولين في حكومة السيد روحاني يحملون البطاقات الخضراء للإقامة الدائمة في الولايات المتحدة. كما أن بعضاً منهم هم بالفعل وكلاء لبعض الشركات الغربية المعروفة.

ومن المثير للاهتمام كذلك، أن السيد روحاني قد أقر بكل ذلك تقريبا في محاوراته التلفزيونية مع باقي المرشحين الرئاسيين. وكان دفاعه يدور حول أنه لا يملك السيطرة الفعلية على ملفات الاقتصاد، والأمن، والجيش، والسياسة الخارجية، والقضاء. وهذا صحيح بكل تأكيد. فهو ليس إلا ممثل يقوم بدور رئيس البلاد في النسخة السياسية من طقوس التعزية في المسرحية الإيرانية التقليدية المثيرة للعواطف.

المصدر : صحيفة الشرق الأوسط 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتخابات الرياء الإيرانية انتخابات الرياء الإيرانية



GMT 16:40 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الأردن بين إيران وإسرائيل

GMT 16:33 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

إيران واستراتيجياتها وموقع فلسطين

GMT 16:20 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل ونهاية اللعبة الخطرة

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الردع المتبادل

GMT 05:04 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

حين تصدق إيران نكذّبها!

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates