صوت الحقيقة والعدالة من لاهاي

صوت الحقيقة والعدالة من لاهاي

صوت الحقيقة والعدالة من لاهاي

 صوت الإمارات -

صوت الحقيقة والعدالة من لاهاي

عريب الرنتاوي
بقلم : عريب الرنتاوي

لم تتردد إدارة ترامب في التصدي لإعلان المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية فاتو بنسودة نيتها فتح تحقيق بشأن جرائم حرب محتملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ... وزير الخارجية مايك بومبيو حمل على المحكمة وقرارها، وطعن في أهلية الفلسطينيين "الدولاتية"، وتعهد باسم إدارته، ونيابة عن حكومة نتنياهو بعدم التعاون مع التحقيق، ورفض مثول أي من المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين للتحقيق في الاتهامات المنسوبة إليهم.
 
كان من الطبيعي أن تثور ثائرة بنيامين نتنياهو، فإعلان المدعية العامة للمحكمة هبط عليه كالصاعقة، وفي توقيت غير مناسب أبداً ... ردود أفعاله اتسمت بالهستيريا، اتهم المحكمة بالتحول إلى "سلاح سياسي" معادٍ لإسرائيل ويستهدف "حق شعبها في وطن الآباء والأجداد"، مفضلاً تفنيد كل "ما لم يرد" في بيان المدعية العامة، بدل التوقف عند ما أوردته فيه حين أعربت عن ارتياحها "إزاء وجود أساس معقول لمواصلة التحقيق في الوضع في فلسطين". 
 
قرار لاهاي، وبصرف النظر عن الكيفية التي ستنقله المحكمة فيها إلى حيز التنفيذ، يعيد لنضال الفلسطينيين بعضاً من اعتبارها، بوصفه نضالاً تحررياً، ضد احتلال عنصري إجلائي غاشم، تفوح منه روائح التمييز العنصري، ولديه سجل أسود بشع في طرد الفلسطينيين من بيوتهم وقراهم، وتدمير منازلهم بغير حق، وحشرهم في كانتونات ومعازل، والزج بمئات الألوف منهم في الزنازين والسجون، يستوي في ذلك الأطفال والرجال والنساء والشيوخ، القيادات السياسية المنتخبة ديمقراطياً، ونشطاء المجتمع المدني والحراكات الشعبية والشبابية.
 
المجازر التي قارفها الاحتلال في حروبه وعدواناته المتكررة على غزة، وقبل في الضفة والقدس، لا يجب أن تمر مرور الكرام، وهي لم تكن أبداً حوادث فردية، أو جرائم غير مسبوقة، فـ"المجزرة" مفهوم مُؤسس للحركة الصهيونية، ومن دون مقارفة العشرات منها، ما كان للتهجير والتشريد أن يصبحاً أمراً واقعاً، والفلسطينيون بخلاف الدعاية الصهيونية السوداء، لم يغادروا منازلهم طوعاً، بل بفعل المجازر والعقوبات الجماعية وعمليات الطرد المنهجية المنظمة التي اتبعت من قبل، وما زالت "سياسة عليا" حتى يومنا هذا.
 
لماذا تخشى الولايات المتحدة وإسرائيل إجراء تحقيق جنائي من هذا النوع؟ ... الجواب ببساطة، ومن دون كثير من المراوغة و"الفذلكة"، لأنهما تدركان ماذا فعل السلاح الأمريكي في الأيدي الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، وماذا قارف من جرائم ومجازر وأعمال تنتهك القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وكافة المواثيق والمعاهدات الدولية ... وحده القاتل من يخشى التحقيق في جريمته، الأبرياء لا يخشون القضاء والمحاكمة والتحقيق، سيما حين يأتي من هيئة دولية رفيعة، لا يمكن اتهامها بالتسييس أو الانحياز للفلسطينيين ضد الإسرائيليين.
 
واشنطن لا تكتفي بدعم إسرائيل مادياً وسياسياً، لا تكتفي بدعم ممارستها في الأراضي المحتلة التي ترقى إلى مستوى جرائم الحرب... واشنطن لا تكتفي بتشجيع إسرائيل على الاستيطان وتقديم الهدايا والجوائز لها من كيس الفلسطينيين ... واشنطن تنبري للدفاع عن القتلة والعنصريين، وتتعهد بتعطيل العدالة الدولية، وفي القانون، أي قانون، من يتستر على المجرم أو يعيق مجرى العدالة، هو شريك له في الجريمة، فما بالك وأن سلاح الجريمة الإسرائيلية، يتدفق لإسرائيل مجاناً، ومن الولايات المتحدة أساساً، إن لم نقل منها حصراً.
 
أما الفلسطينيون، فعليهم من الآن، أن يحضروا ملفاتهم وأدلتهم، وأن يغرقوا المحكمة بسيل جارف من القضايا فما من بيت فلسطيني إلا ولديه حكاية يرويها، وما من مناضل في سبيل حرية شعب فلسطيني واستقلاله، إلا ولديه قضية يسجلها في أرشيف العدالة الأممية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صوت الحقيقة والعدالة من لاهاي صوت الحقيقة والعدالة من لاهاي



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"

GMT 04:38 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

خدع بسيطة لتحصلي على عيون براقّة تبدو أوسع

GMT 01:20 2013 الأحد ,21 إبريل / نيسان

دومينو الـ10 ألاف "آيفون 5 إس" الجديد

GMT 01:14 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الإقامة الفاخرة في جزيرة جيكيل الأميركية

GMT 20:41 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

إريكسون يؤكد أن ساوبر أنقذت نفسها من موسم "كارثي" في 2017

GMT 10:32 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

دلال عبد العزيز تكشف عن تفاصيل دورها في "سوق الجمعة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates