العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

 صوت الإمارات -

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

عريب الرنتاوي
بقلم - عريب الرنتاوي

لم تمض زيارة الوزير الإيراني محمد جواد ظريف إلى بغداد على خير، أما الأسباب فسياسية بامتياز...ولم يُتِمَّ رئيس الحكومة العراقية زيارته المرتقبة للرياض، لأسباب صحية تتعلق بالوعكة الصحية المفاجئة التي ألمّت بالعاهل السعودي...وبرغم اختلاف الزيارتين والزائرَين، إلا أن المراقب للمشهد العراقي لن يفوته تتبع الروابط المتينة بين الحدثين، ما تَمَّ منهما وما تأجّلَ.
 
قذائف ثلاث استقبلت ظريف في المنطقة الخضراء، مقر القيادة والحكومة والرئاسة والبرلمان والشخصيات والسفارات، لم يكن المقصود بها "استهداف" الوزير شخصياً، ولا دفعه لقطع زيارته...القذائف الثلاث أطلقها "محافظو طهران" و"ثوريو بغداد"، لتصيب إصلاحيي البلدين ومعتدليهما في قلب عاصمة الرشيد، كحلقة في مسلسل الصراع المحتدم بين التيارين وامتداداتهما العراقية، وعلى أرض الرافدين المفضلة دوماً كساحة لتسوية الحسابات.
 
ظريف استمع إلى ما لا يرضي مرجعياته العليا من قبل الرئاسات العراقية الثلاثة: العراق لا يريد أن يكون في ذيل أحد، ولا أن يتحول إلى "صندوق بريد" لتبادل الرسائل الدامية بين المراكز والمحاور الإقليمية والدولية...العراق يسعى لـ"التوازن" في علاقاته الإقليمية والدولية، و"التوازن" بالعراقي الدارج هذه الأيام، يرادف "الحياد" و"النأي بالنفس"، باللبناني الدارج هذه الأيام أيضاً.
 
ربما تكون كلمات هادي العامري (تحالف الفتح) وفالح الفياض (الحشد الشعبي) هي الخبر السار الوحيد الذي سيحمله الوزير ظريف إلى مرجعياته، لكنني أشك أنه سمع كلاماً مماثلاً من عمّار الحكيم (تيار الحكمة) الذي التقاه في بغداد أيضاً، فالأخير حرص على نشر مقال في "الشرق الأوسط" السعودية في اليوم التالي لوصول الضيف الإيراني، حمّله عنواناً لافتاً: "فرصة تاريخية لبناء الدولة القوية"، استرجع فيه سيرة والده، "شهيد المحراب"، مستذكراً مواقفه عن الدولة القوية العادلة، وعن احتكارها للسلاح...هذا كلام لا يُفهم منه سوى الاعتراض على "الحشد الشعبي" وفوضى السلاح وفلتان المليشيات، ومعظمها محسوبة على صقور طهران.
 
قبل وصول الزائر الإيراني، كان العراق يشتعل بجدل حول أولويات البلاد في علاقاتها الخارجية...التيار المحسوب على إيران اعترض على اتخاذ السعودية مقصداً لأول رحلة يقوم رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي للخارج، وكان يفضل لو أن إيران كانت وجهته الأولى...تيار "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، أصدر موقفاً استباقياً رفض فيه "ضرب صفح" أو حتى "طي صفحة "الإرهابيين السعوديين" في العراق، في استعادة لواحدة من أسوأ صفحات التردي في علاقات بغداد بالرياض.
 
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فخصوم الكاظمي في بغداد، امتداداً لتيار "المحافظين الثوريين" في طهران، لم يتوقفوا عن إصدار التلميحات و"التصريحات" التي تتهم رئيس الوزراء بالتبعية لواشنطن، والتفريط باستقلال العراق على موائد "الحوار الاستراتيجي" مع الولايات المتحدة، بل وحتى التلميح بضلوعه في واقعة اغتيال المهندس – سليماني في الثالث (3/1/2020) قرب مطار بغداد، في مسعى لتخويفه وابتزازه عند كل منعطف سياسي كبير، ولا ننسى أن واقعة اغتيال الصحفي هشام الهاشمي (6/7/2020)) كانت الرسالة الدامية الأولى، التي بعث بها هذا التيار لرئيس الحكومة الحالي، رجل المخابرات السابق.
 
لم يشفع للوزير ظريف أنه اتخذ من مكان اغتيال سليماني – المهندس، أول محطة يتوقف بها بعد أن وطأت قدماه أرض العراق...ولم يشفع للكاظمي أنه ارتدى الزي الرسمي للحشد الشعبي عند زيارته لمقره قبل بضعة أسابيع...ثمة من يصر على إبقاء العراق "صندوق بريد" وساحة مفتوحة لحروب الوكالة وتسوية الحسابات الدامية...ثمة من يضع يده على مسدسه كلما مرت على مسامعه كلمات من نوع: سيادة، استقلال، حياد، توازن، وغيرها من مترادفات تتعارض مع ديدنهم: "من ليس معنا فهو ضدنا".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف العراق بين زيارتين وثلاث قذائف



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"

GMT 04:38 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

خدع بسيطة لتحصلي على عيون براقّة تبدو أوسع

GMT 01:20 2013 الأحد ,21 إبريل / نيسان

دومينو الـ10 ألاف "آيفون 5 إس" الجديد

GMT 01:14 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الإقامة الفاخرة في جزيرة جيكيل الأميركية

GMT 20:41 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

إريكسون يؤكد أن ساوبر أنقذت نفسها من موسم "كارثي" في 2017

GMT 10:32 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

دلال عبد العزيز تكشف عن تفاصيل دورها في "سوق الجمعة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates