تعميق الانقسام بدل تجسير الفجوات

تعميق الانقسام بدل تجسير الفجوات

تعميق الانقسام بدل تجسير الفجوات

 صوت الإمارات -

تعميق الانقسام بدل تجسير الفجوات

بقلم : عريب الرنتاوي

عمّقت الوثيقة السياسية الجديدة لحركة حماس، المخاوف والشكوك بين قطبي الانقسام الداخلي الفلسطيني، بدل أن تسهم في تجسير الفجوات وتقريب المواقف كما كان مأمولاً، وكما يقتضي المنطق والحس السليم.... الخلاف لم يكن عائداً لاختلاف البرامج، والمؤكد أنه لن ينتهي بعد اقترابهما من بعضهما البعض.... فتح حزب السلطة، تصطدم اليوم، بحركة طامعة للتحول إلى سلطة، حتى وإن كانت سلطة لا سلطة لها... اللعب بات على المكشوف، بين سلطتين متنازعتين، لا مطرح للمزايدات والمناقصات، لا بحكاية “المقاومة” ولا بمقولة “صدام البرامج”.

من يقرأ وثيقة حماس، يدرك أن المخاطب بها، ليس الرأي العام الفلسطيني ولا فصائل المنظمة والسلطة، بل الولايات المتحدة وأوروبا و”المجتمع الدولي” على اتساعه، وأن هدف المخاطبة ليس حض المجتمع الدولي على القبول بحماس بوصفها حركة تحرر وطني فلسطينية بمرجعية إسلامية كما نصت الوثيقة، بل القبول بها كحزب حاكم في غزة، ومشروع سلطة في الضفة الغربية إن أمكن ..

. ما كان مطلوباً من حماس أن تقدم كل ما قدمت لكي يُعترف بها حركة وطنية تحررية، لكن هذه التقدمات، بدت ضرورية للغاية إن أرادت حماس أن تقدم نفسها كمشروع لحزب سلطوي، والمؤكد أنها ليست سوى دفعة أولى على الحساب، ستليها دفعات أكبر، وقد بدأت إرهاصاتها تطل برأسها في ثنايا الشروحات والتوضيحات التي أعقبت صدور الوثيقة.

المواقف والممارسات التي أعقبت إطلاق الوثيقة، تشي بذلك تماماً ... الرئيس المنتهية ولايته للمكتب السياسي للحركة، خاطب بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واعتبر صدورها “فرصة” يتعين التقاطها، أما الهدف فهو “إعطاء دفع جديد لعملية السلام في الشرق الأوسط”، لاحظوا من يتحدث عن عملية السلام ومتى، بعد خراب البصرة، حماس التي طالما فاخرت بإحباط عملية السلام بسلسلة طويلة من “العمليات الاستشهادية”، تريد اليوم لهذه العملية، أن تنطلق وإن تصل إلى “حل منصف” للفلسطينيين، مراهنة على الرئيس الذي يمتلك “جرأة التغيير”، في الوقت الذي يبدي فيه العالم بأسره، تشاؤماً شديداً في فرص ومستقبل هذه العملية، ويتحدث عن تآكل “حل الدولتين”، ويضع يده على قلبه من الرئيس الأكثر انحيازاً لإسرائيل منذ قيامها.... أليس من حق المراقب أن يتساءل عمّا إذا كان هدف العمليات الاستشهادية تقويض عملية السلام المحملة بالتنازلات كما كانت تقول حماس، أم تقويض فتح والسلطة والمنظمة على حد سواء، وإلا كيف نفسر رفض حماس لهذه العملية عندما كانت “ذات مغزى” ودعوتها لتفعيلها وإحيائها اليوم، وهي في موت سريري ولا تنذر إلا بأوخم العواقب للشعب وحقوقه وأشواقه وتطلعاته الوطنية؟
لا فرصة لاستئناف عملية سلام ذات مغزى، أمر تعرفه حماس ويعرفه رئيس مكتبها السياسي المرتحل، لكن “الفرصة” التي لا يريد تبديدها، هي دعوة واشنطن وبروكسيل للحديث مع حماس، وقد قيل ذلك صراحة في مكان أخر ومقابلة أخرى، عندما ناشد خالد مشعل دول العالم للانفتاح والحديث مع “مختلف المكونات الفلسطينية” ... لا هم لحماس إلا كسر “التمثيل الشرعي الوحيد” وتفكيك أطواق العزلة المضروبة حولها، ومزاحمة عباس والسلطة على هذه الوظيفة، حتى وإن كان الثمن، السير بخطى “شرعية”و”مشروعة” على طريق الصلح والتفاوض والاعتراف.

وعلى ذكر التفاوض، فقد أصبح الموقف اليوم، بعد الوثيقة، يتعلق بالتوقيت فقط، وهو أمر يتقرر بين لحظة وأخرى، وأكاد أجزم بان كل التحفظات ستسقط دفعة واحدة، إن تلقت الحركة نسخة من الدعوة لموائده، أما بقاء هذه الموائد مشغولة بممثلي فتح والمنظمة، فهذا يجعل التفاوض عبثاً ومجازفة، ووسيلة للهبوط بسقوف المطالب والتوقعات الفلسطينية، وربما خيانة وطنية من النوع الجسيم ... المبادئ هنا، مرنة للغاية، وقابلة للتكييف على مقاس الحركة وموقعها، فإن كانت في قلب “عملية السلام” اشتدت الحاجة لإحيائها، وإن كانت من ضمن قائمة المدعوين، فالتفاوض يصبح جائزاً شرعاً ومطلوباً سياسياً ... أما الحلول السياسية التي عادة ما كانت توصف بـ “التصفوية” فقد تتحول إلى “منصفة” إن كانت الحركة على الطرف الآخر من المائدة.

أما ميدانياً وعلى الأرض، فالوثيقة التي قيل أنها جاءت لتعظيم التوافق الوطني، سرعان ما تحولت إلى غطاء لمطاردات وملاحقات لفتح وفصائل أخرى في قطاع غزة، وقرارات بمنع الاعتصامات والتظاهر نصرة للحركة الوطنية الأسيرة ومداهمة عنيفة لتفكيك خيام التضامن مع الأسرى، وتلويح بحظر حركة فتح في القطاع، ووثائق مسربة عن اجتماعات قيادية للحركة في القطاع، تكشف المستور من النوايا والأهداف الكامنة وراء إصدار هذه الوثيقة، والتي تتعلق جميعها بحماس، وحماس فقط، ومن ضمن حدين اثنين: الأول، أدنى، الانحناء أمام عاصفة الضغوط التي تتعرض لها للإبقاء على سلطة الأمر الواقع في غزة، والثاني، أقصى، سقفه النجاح في التأهل لوراثة فتح وبقايا السلطة والمنظمة، حتى وإن تطلب الأمر، إعادة تجريب المجرب والسير، أو حتى “الهرولة” على خطى فتح والسلطة والمنظمة.

ذات يوم، وفي ذروة الاهتياج اليساري، خاطب الراحل جورج حاوي مهرجاناً للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في دمشق قائلاً: حيثما تكونون تكون الشرعية الفلسطينية ... اليوم، تستعير حماس الشعار ذاتها، وتضفي عليه مزيداً من المعاني والأبعاد: حيثما تكون الحركة تكون الشرعية والشرع والشريعة.

المصدر : صحيفة الدستور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعميق الانقسام بدل تجسير الفجوات تعميق الانقسام بدل تجسير الفجوات



GMT 20:24 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 19:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

GMT 19:28 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

حتى لا تصرفنا أزمات الداخل عن رؤية تحديات الخارج

GMT 20:21 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيلي حيال الأردن

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 21:47 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند
 صوت الإمارات - عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
 صوت الإمارات - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 صوت الإمارات - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 14:42 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 17:17 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 19:08 2015 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

طقس فلسطين غائمًا جزئيًا والرياح غربية الأربعاء

GMT 02:06 2016 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

"سامسونغ" تطلق Galaxy S7 قريبًا

GMT 14:46 2014 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق كتاب للشيخة اليازية بنت نهيان بن مبارك آل نهيان

GMT 22:58 2015 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

سامسونغ تربح المليارات والفضل للهاتف "S6"

GMT 14:40 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

كلاب الدرواس تهاجم الناس وتقتل المواشي في مقاطعة صينية

GMT 07:31 2013 السبت ,24 آب / أغسطس

الصين ضيفة شرف معرض إسطنبول للكتاب

GMT 04:15 2016 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

ديمو P.T يعاد تطويره في لعبة Dying Light

GMT 09:00 2015 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

شركة "سوني" تكشف رسميًا عن هاتفها "إكسبريا زي 4"

GMT 06:14 2014 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

كوثر نجدي تطرح مجموعة جذّابة من فساتين السهرة

GMT 05:31 2018 الأحد ,18 شباط / فبراير

نادي الفروسية في الرياض ينظم حفل سباقه الـ"52"

GMT 11:23 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

جمعية "أم القيوين" الخيرية تتفاعل مع المسنين في عام زايد

GMT 14:49 2016 الخميس ,03 آذار/ مارس

المخ يدخل في صمت عندما نتحدث بصوت عال
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates