نحن و«يقظة آسيا»

نحن و«يقظة آسيا»

نحن و«يقظة آسيا»

 صوت الإمارات -

نحن و«يقظة آسيا»

بقلم _ عريب الرنتاوي

قبل مئة عام تقريباً، كتب فلاديمير لينين عن «يقظة آسيا»، لم يكن يقصد في حينها، نهضتها كعملاق أو مارد اقتصادي بقدر ما كان يعني سعيها للتحرر من الاستعمار والانتقال إلى فضاءات الاستقلال الوطني ... اليوم، ثمة حاجة لعشرات الكتب – ربما – التي توثق «يقظة آسيا 2»، حيث تنتقل أجزاء واسعة من القارة، وليس القارة برمتها، من ضفاف الفقر والتخلف، إلى فضاء المنافسة على المواقع الأولى في لائحة الدول الصناعية المتقدمة، والاقتصادات العملاقة.

أين نحن، «العرب الآسيويين»، من نهضة آسيا ويقظتها؟ ... ما الذي يشغل اهتماماتنا وأولوياتنا، وما الذي يتصدر جداول أعمال الاقتصادات الناشئة في القارة؟ ... لقد كنا في عداد من نهضوا واستيقظوا، وفقاً لنبوءة لينين، كنا جزءاً طليعياً من حركة التحرر الوطني العالمية، وأنجزنا استقلالاتنا الوطنية، وقطعنا أشواطاً على طريق التصنيع والتحديث والعصرنة ... لكن كل ذلك انقطع، بل وارتد على عقبيه، فلا نحن نجحنا في حفظ استقلالاتنا وسياداتنا بعد أن سلمنا الأرض والفضاء للقواعد الأجنبية، وأعدنا انتاج الحقبة الكولونيالية بما فيها من استعباد واستتباع ... ولا نحن التحقنا بركاب ثورات الصناعة والمعرفة والعالم الرقمي، حيث ما زلنا بحسابات التنمية البشرية، نقبع أسفل مراتب التطور البشري.

ثلثا المسلمين في العالم تقريباً، يقيمون في آسيا ويتحدرون منها، يشكلون ما يقرب من 26-28 بالمائة من سكان القارة، ويتوزعون كأقليات وأغلبيات على 32 دولة وكيان فيها، من أصل قرابة الخمسين دولة وكيانا يتوزع عليها أكثر من 4.4 مليار نسمة، يشكلون أزيد من 60 بالمائة من سكان العالم، ويقيمون على ثلث اليابسة .... قلة فقط من دولة الأغلبية المسلمة نجحت في اختراق جدران التخلف والفقر، فيما بقية دول القارة (الإسلامية)، ما زالت في عداد الدول الفقيرة والبائسة ... تلكم ظاهرة بحاجة إلى تفسير، ولا تفسير لها بنظرية المؤامرة على الإسلام والمسلمين بحال من الأحوال.

مناسبة هذا الحديث مشاركتي في مؤتمر عن «حوار الحضارات الآسيوية والبناء من أجل مستقبل مشترك»، والذي اختتم أعماله في بكين، بحضور الرئيس الصيني وعدد من ملوك ورؤساء دول وحكومات عدد من الدول الاسيوية (والأوروبية)، وبمشاركة مئات الباحثين والدارسين في شتى الاختصاصات الثقافية والبحثية من أكثر من خمسين دولة ... هنا، ينظر العالم إلى المستقبل، وهناك عندنا، ما زلنا نستحضر صفحات الانقسام التي انقضى عليها أكثر من ألف وأربعمائة عام ... هنا، يحتدم الجري لاحتلال مساحات أوسع في الأسواق العالمية، وعندما نتبارى في إغلاق الحدود والمعابر، وتخليق المشكلات والتعقيدات على طريق تجارتنا البينية ... هنا، تتعايش مئات الثقافات واللغات واللهجات والأديان، وهناك، عندما، يصطرع أصحاب الديانة الواحدة ويتوزعون على خطوط مذاهبها، ويسعى كل فريق في إلغاء الآخر، ونقضي الليل والنهار في التنقيب عن خلافاتنا بدل أن نبذل بعض الجهد، لبعض الوقت، بحثاً عمّا يجمعنا.

عميقة ومتنوعة الأوراق التي عرضها مئات المتحدثين في المؤتمر، وذهبت في شتى الاتجاهات، من الفلسفة للتاريخ للاقتصاد والاجتماع، مروراً بالأنثروبولوجي والأديان المقارنة ونظريات الأديان.... لكن أبرز ما لفت انتباهي، ورقة قدمتها باحثة أممية، تنتمي للديانة البهائية، وفيها عرض لنتائج استطلاع للرأي العام في دول جنوب شرق آسيا، تضمن سؤالاً: ما الذي ستفعله لو علمت بأنك ستعيش لستة أشهر أخرى فقط؟ ... الغريب أن معظم الإجابات جاءت مؤكدة على الاستمرار في العمل حتى اليوم الأخير، بعضهم آثر قضاء ما سيتبقى من عمر في العمل، ولكن في حقل آخر، يحبه ولم يحظ به لأسباب شتى ... العمل هو القيمة المطلقة، العمل هو العبادة، العمل ولا شيء غير العمل.

آسيا تستيقظ، وتنهض من جديد، وتنافس القارات الأخرى على الصدارة الكونية، بالعلم والعمل، بالتعليم والانضباط ... أما نحن، الذين ننتظر بفارغ الصبر، العطل والتعطيل، لمجرد سقوط زخات متفرقة من المطر، أو تشكل طبقة رقيقة من الصقيع، فما زلنا في جدال حول «جنس الملائكة» ... نحن الذي طالما «طلبنا ولو في الصين»، نكتفي بمشاهدة المارد الصيني يشق عنان الفضاء ... نحن الذين طالما رفعنا العمل إلى مستوى العبادة، لا ندخر وسعاً في التملص منه، أو الغياب عنه أو التأخر عليه .... لكأننا من قارتين مختلفتين ... نحن لا نشبههم ولا هم يشبهوننا .... نحن قوم مهجوسون باللغة وعباراتها المفخمة وضجيج قصائدها وفصاحة كتبها القديمة، وهم أبناء الصمت والتأمل والعمل والانضباط ... آسيا تتقدم، ونحن القابعين في أبعد زواياها الجنوبية الغربية، نتأخر ... فجوة المعرفة والإنتاج والتكافل تتسع باضطراد، ليس بيننا وبين الغرب المتقدم فحسب، بل وبيننا وبين آسيا كذلك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحن و«يقظة آسيا» نحن و«يقظة آسيا»



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 21:47 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند
 صوت الإمارات - عبدالله بن زايد يستقبل وزير الشؤون الخارجية في الهند

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
 صوت الإمارات - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 21:21 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 صوت الإمارات - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 14:42 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 17:17 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 19:08 2015 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

طقس فلسطين غائمًا جزئيًا والرياح غربية الأربعاء

GMT 02:06 2016 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

"سامسونغ" تطلق Galaxy S7 قريبًا

GMT 14:46 2014 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق كتاب للشيخة اليازية بنت نهيان بن مبارك آل نهيان

GMT 22:58 2015 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

سامسونغ تربح المليارات والفضل للهاتف "S6"

GMT 14:40 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

كلاب الدرواس تهاجم الناس وتقتل المواشي في مقاطعة صينية

GMT 07:31 2013 السبت ,24 آب / أغسطس

الصين ضيفة شرف معرض إسطنبول للكتاب

GMT 04:15 2016 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

ديمو P.T يعاد تطويره في لعبة Dying Light

GMT 09:00 2015 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

شركة "سوني" تكشف رسميًا عن هاتفها "إكسبريا زي 4"

GMT 06:14 2014 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

كوثر نجدي تطرح مجموعة جذّابة من فساتين السهرة

GMT 05:31 2018 الأحد ,18 شباط / فبراير

نادي الفروسية في الرياض ينظم حفل سباقه الـ"52"

GMT 11:23 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

جمعية "أم القيوين" الخيرية تتفاعل مع المسنين في عام زايد

GMT 14:49 2016 الخميس ,03 آذار/ مارس

المخ يدخل في صمت عندما نتحدث بصوت عال
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates