درس «النووي الإيراني» فلسطينياً

درس «النووي الإيراني».. فلسطينياً

درس «النووي الإيراني».. فلسطينياً

 صوت الإمارات -

درس «النووي الإيراني» فلسطينياً

بقلم _ عريب الرنتاوي

تجربة إيران مع «المجتمع الدولي»، توفر فرصة نادرة لتفكيك شبكة العلاقات الدولية والتعرف على محددات النظام العالمي وتوازناته ... واشنطن تنسحب من جانب واحد من الاتفاق النووي، وسط رفض جميع الدول الكبرى الموقعة على الاتفاق، بل وإدانتها للسلوك الأمريكي المهدد للأمن والاستقرار الدوليين ... لكن الحصيلة بعد عام على ذاك القرار، أن القوى الكبرى تقف متفرجةً على المواجهة الإيرانية – الأمريكية، عاجزةً عن فعل أي شيء يذكر، وفاءً بالتزاماتها بحفظ الاتفاق.

وما أن تشرع طهران في خفض سقف التزامها بالاتفاق، من داخله ومن دون التخلي عنه.... ما أن تلوّح بخطوات وإجراءات مضادة، حتى تقف هذه الدول مجتمعة، ضد الخطوة الإيرانية، «مرغية» و»مزبدة»، وتأخذ عواصم الغرب الكبرى، بإعادة انتاج «السردية» الأمريكية، وتصبح إيران هي الهدف الأسهل للتهديد والوعيد، وليست الدولة التي خرقت الاتفاق جهاراً نهاراً وفوق رؤوس الإشهاد، وبقدر هائل من الغطرسة والتبجح.

الاتحاد الأوروبي، تعهد بإنتاج «آلية جديدة» للتبادل التجاري مع إيران، وتفادي العقوبات، وتعويض طهران عن تداعيات الانسحاب الأمريكي من الاتفاق وتخفيض كلفة العقوبات الأمريكية على إيران، طالما هي ظلت على التزامها بموجب بنود الاتفاق ... أي شيء من هذا لم يحصل، ولم تتلق طهران سوى المراوغة والمماطلة، بل أن دولاً أوروبية عدة، في مقدمتها فرنسا، انتقلت للحديث عن الحاجة لاتفاق جديد، يلحظ برنامج إيران الصاروخي ودورها الإقليمي ... أين كانت هذه المحاذير عند توقيع الاتفاق، وإلى متى ستبقى القارة العجوز، على هذا القدر من «الاستتباع» لواشنطن وتسير لاهثةً خلف إداراتها، حتى وإن كانت على هذا القدر من الرعونة، وعلى هذه الدرجة من الانفلات من كل قيد أو ضابط، من كل معاهدة أو اتفاق؟
الصين، بدورها، وهي قوى عظمى بالذات اقتصادية، تخفض مستورداتها من النفط الإيراني، على طريق الاستغناء عنه، ودائماً استجابة للضغوط الأمريكية، وهي على الرغم من انتقاداتها للخطوة الأمريكية الأحادية، بل وتضررها المباشر من سياسات ترامب وحمائيته الاقتصادية، إلا أنها لا تمتلك إلا الانصياع على ما يبدو، لسيف العقوبات الأمريكية الجائرة على إيران.

روسيا، لا تكف عن توجيه الانتقادات لواشنطن، وهي بدورها تخضع للعقوبات الأمريكية، وصناعاتها الحربية والمدنية، تبدو ملاحقة، كما تلاحق شركة «هواوي» الصينية ... لكن ليس لدى موسكو خيلاً تهديها لطهران ولا مال ... الدول الضامنة للاتفاق النووي والموقعة عليه، لا تفعل شيئاً لإنقاذ هذا الاتفاق، أو للبرهنة أن قرارات واشنطن ومواقفها، ليست قدراً لا رادّ له ... هي تكتفي بالانتقاد اللفظي، دون خطوات عملية على الأرض، وهي في نهاية المطاف، تعود لتبني وجهة النظر الأمريكية، رغم كل ما قالته فيها وعنها.

وعندما تصدر عن طهران بادرة اعتراض، أو تلويح بخطوات مقابلة، تقوم الدنيا ولا تقعد، وتنبري الدول الضامنة والموقعة للتحذير والتنديد، تاركة إيران تجابه وحدها، تداعيات «الأحادية» الأمريكية المرذولة، ومن دون بذل أي جهد لإنقاذ «النظام العالمي» من حالة التفلت والفلتان التي أطلقتها واشنطن، منذ أن وطأت قدما دونالد ترامب البيت الأبيض.

من ذا الذي سيثق بهذه الأطراف الضامنة والموقعة بعد اليوم، ومن الذي سيكون بحاجتها إن أمكن له إبرام اتفاقات منفردة مع واشنطن، ولماذا يحضر «شهود الزور» بمرتبة وزراء خارجية، الاجتماعات المقبلة، طالما أن حضورهم لا يختلف عن غيابهم، وطالما أن «توقيعاتهم» لا تساوي الحبر الذي كتبت به، وترجمة ضماناتهم رهن بما تريده واشنطن أو لا تريده واشنطن.

درس مؤلم، بيد أنه مفيد، فيما البعض من الفلسطينيين، يعتقد أن الانتقال من الوساطة الأمريكية المتفردة في عملية السلام إلى الوساطة متعدد الأطراف، يمكن أن يحدث فرقاً ... لا فرق يمكن أن يحدث سوى ذاك المترتب على إعادة بناء موازين القوى الأرض، ومن قبل الأطراف ذات الصلة، أما الرهان على مواقف أوروبية وصينية وحتى روسية مغايرة، فهو قد ينفع في صياغة بيانات «رنانة» أما فرص ترجمتها وتنفيذها على الأرض، فرهن بما تسمح به واشنطن ... أليس هذا هو بالضبط، ما تواجهه إيران اليوم؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

درس «النووي الإيراني» فلسطينياً درس «النووي الإيراني» فلسطينياً



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"

GMT 04:38 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

خدع بسيطة لتحصلي على عيون براقّة تبدو أوسع

GMT 01:20 2013 الأحد ,21 إبريل / نيسان

دومينو الـ10 ألاف "آيفون 5 إس" الجديد

GMT 01:14 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الإقامة الفاخرة في جزيرة جيكيل الأميركية

GMT 20:41 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

إريكسون يؤكد أن ساوبر أنقذت نفسها من موسم "كارثي" في 2017

GMT 10:32 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

دلال عبد العزيز تكشف عن تفاصيل دورها في "سوق الجمعة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates