للآن؛ الخطوات الإجرائية كلها التي تُتّخذ لحظية ارتجالية، ويتم العمل بطريقة المياومة.
ليلة الأربعاء يتم تغيير موعد الحظر المسائي ليومي الأربعاء والخميس ليستمر لغاية الساعة 11 مساء، والحظر في العيد يشمل أيام الجمعة والسبت والأحد.
حاولت كتابة بوست على الفيس بوك دعما للحظر الشامل ثلاثة أيام في العيد، لكنني تراجعت، لسبب بسيط، أن الحياة سوف تعود لطبيعتها بعد الثلاثة أيام، فماذا سيتغير بعد يوم الأحد من الحظر الشامل.
هذا يدفعنا للتفكير بصوت عالٍ، هل تفكر خلية الأزمة والعقل الذي يقود البلاد وتخطط وتنتج في المرحلة المقبلة والتغيير المنتظر في الحياة في زمن الكورونا.
الأمر يتطلب منهاجا واضحا، كتيبات توعية، لأن أمر الكورونا، والثقافة الجديدة لا يأتيان بتعليمات وقرارات وأوامر دفاع، يتطلب الأمر الحفر في الوعي والمواطنة الحقيقية للوصول إلى مرحلة تكون فيها ثقافة مواجهة الفيروس ثقافة مجتمعية وطنية عامة.
تعظيم الوعي والمواطنة يحتاج إلى خلق بيئة تكون فيها النظافة العامة نبراس الجميع، مشهد الشوارع ملوثة بالكمامات والقفازات يجرح روح الإنسان، ومشهد قذف النفايات من شبابيك السيارات يضع علامات الاستفهام عن المواطنة الحقيقية، وعن النظافة الشخصية التي هي من أهم مواجهة الفيروس ومحاصرته.
أيضا؛ المسؤولية الاجتماعية ، للدولة والحكومة والشركات في المرحلة المقبلة هي عنوان الانتماء والمواطنة، نحن مقبلون على أوضاع اقتصادية صعبة جدا، وقد تضطر شركات كثيرة إلى الضغط على موظفيها للاستغناء عنهم، أو الحسم من رواتبهم، هنا تأتي المسؤولية الاجتماعية على الجميع من أجل التعاضد والتعاون والتماسك لحماية الإنسان أولا وحماية أسرته من الفقر والضغوط المعيشية والاقتصادية والاجتماعية إذا لا سمح الله إضطرت جهات ما للاستغناء عن موظفيها.
لتعظيم المنجزات، هناك شركات كبرى تحافظ على مسؤوليتها الاجتماعية في هذه الظروف، وهناك مؤسسات تغض النظر عن ذلك ولا تفكر إلا بأرباحها والنِّسب التي تحققها، ولا تعرف أنها لو ربحت الملايين وخسرت إنسانها وإنسانيتها فلن تكسب شيئا.
نحن ذاهبون إلى مرحلة جديدة من التغيير الإجباري، وهذا يحتاج إلى نهج جديد في كل شيء، في تغيير مفهوم الاستثمار في الاقتصاد والإنسان، وفي شكل المواطنة الجديدة.
شكل جديد في إدارة الدولة، في صناعة الوعي والانتماء، برامج على درجة عالية من المسؤولية يجب أن نراها ونقرأ أثرها في وسائل الإعلام عموما، فليس دور الإعلام فقط نقل ما يحدث، وإنما المساهمة في صناعة الجهد الوطني عموما في التغيير.
نحتاج إلى برامج إعلامية وعلمية نراها على شاشات التلفزة وفي وسائل الإعلام عموما، تسهم في صناعة الإنسان الأردني الجديد، الذي يضع القانون وتطبيقه على رأس أولوياته، ويضع مسؤوليته في مواجهة الجائحة وفيروسها الغريب اللعين قبل مسؤولية وزير الصحة ولجنة الأوبئة.
من يعتقد أن مواجهة المرحلة المقبلة هي مسؤولية الحكومة والدولة عموما مخطئ تماما، المسؤولية مجتمعية، تبدأ من الفرد ذاته ومن كل بيت قبل الخروج إلى الشارع والحياة الطبيعية التي تنتظرنا بعد عطلة العيد.
لا يزال بعضنا يفكر ان القصة بعيدة عنه، ونرى كثيرون يرتدون الكمامات عندما يقتربون من الشرطي في الشارع، هذه الثقافة يجب أن نغادرها، وأن نذهب إلى ثقافة جديدة شعارها “التغيير يبدأ من عندي وعندك…”، وعلى الجهات المسؤولة أن تضع كراريس علمية وثقافية وقانونية لصناعة الوعي الجديد وحمايته، لأن التغيير ليس شعارا ولا يأتي عبر الوعظ والنصائح بل يحتاج إلى بنية ثقافية وقانونية لحمايته.
الدايم الله……