بقلم - أسامة الرنتيسي
أصابع خبيثة تنبش بطن الشبكة العنكبوتية فتخرج منها موضوعات مثيرة تدفعها إلى وسائل التواصل الاجتماعي فتشتعل بتعليقات تُمزق الوحدة الوطنية وتذكي كوابيس الفتنة، يلعن الله موقظها.
هذه الأصابع بكل تأكيد ليست فردية، وليست بفعل المصادفة، بل هي لجهات لعينة منبوذة تعلم جيدا أن الكلمة الخبيثة في الأوضاع العامة السيئة والصعبة يكون وقعها مثل النار في الهشيم، فيشارك الدهماء في معارك وهمية معتقدين أن هذا في مصلحتهم ومصلحة الوطن.
مذكرة رفعت في 2011 من قبل شخصيات سياسية تحذر من سياسة الاقصاء، وتركز على ضرورة حماية اللُّحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي، لا تقولوا لي إن شخصا ما وقعت في يده فأعاد لها الحياة بعد عشر سنوات وانتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي بشكل تحولت إلى ترند لعدة ايام رافقتها تعليقات أقل ما يمكن ان يقال فيها إنها تعليقات عقيمة سخيفة لا يمكن أن تُخيط إبرتها حجم مسلة في وجدان الجوامع بين الشعبين الأردني والفلسطيني.
الأصابع ذاتها، بعد أن برد لهيب المذكرة، نبشت مقالا للكاتب عريب الرنتاوي في صحيفة الدستور، زعمت ان إدارة الصحيفة شطبته بعد النشر بساعات، وكان عنوانه “من أي إناء ينضح هؤلاء الإصلاحيون؟ ملخصه إدانة بعض الأصوات التي تحارب الاصلاح وتعرقل مسيرته بحجج واهية تقسيمية عفى عليها الزمن.
لنكتشف أن المقال المشار إليه قد مضى على نشره أكثر من عامين، وتم الترويج له بطرق كاذبة وتحويره عن مداره الذي نشر من أجله في ذلك الوقت من كاتب موزون مقدر لا يخطىء حرفا في القضايا الوطنية الكبرى.
طبعا؛ حجم التعليقات والانتقادات الجارحة التي طالت الكاتب والصحيفة لا يمكن استيعابه، ولا يمكن أن يقتنع المرء ان من يخط هذه الأحرف والعبارات النابية هم مواطنون يشبهوننا ويخافون على البلاد والعباد بضمائر نقية.
إذا كانت الحالة السياسية والشعبية كلها، حكومة ونواب وأحزاب ونقابات وجمعيات ومؤسسات مجتمع مدني، واندية رياضية وحركات طلابية، وأساتذة جامعات، ونخب سياسية واقتصادية وعلمية، ومتقاعدون عسكريون ومدنيون، يحذرون من الفتنة، ويدعون الى زيادة التلاحم في الوحدة الوطنية، والمصير المشترك، والحياة الآمنة للجميع، فمن هو الذي يشعل النار في مواقد الفتنة، ومن هي الجهة التي لها مصلحة في تخريب البلاد لا سمح الله….
وهل فعلا توجد للفتنة أذرع وفضاءات في مجتمع استوعب جيدا حقيقة ما يجري حوله، ويرى بأم أعينه الخراب والدمار في دول الجوار، ويتساءل بكل براءة أين سنذهب إذا حدث عندنا (لا سمح الله مرة ثانية) مثلما يحدث عند جيراننا؟!.
ثبت بالتجربة الحية أن وسائل التواصل الاجتماعي هي سلاح الإشارة لأية ثورة..او ربيع عربي.. أو فتنة..، او إشعال نار بالقرب من محطة وقود.
لننتبه أكثر؛ ولنحذر من كل صوت وإصبع غير بريء، فمجنون يقذف حجرا في بئر، نحتاج مئة عاقل كي يخرجوه.
الدايم الله….