بقلم - أسامة الرنتيسي
خلال الساعات والأيام الماضية كنتَ تَصطدم بمجموعة من الأخبار الكارثية، بحيث لا تُصدِّق أنّك تعيش فعلًا في دولة مؤسسات وقانون، تَتمتّع بسلمٍ اجتماعي داخل مجتمع آمن مستقر، فترفع صوتك عاليًا متسائلًا..في شيء غلط.. شو فيه؟!!.
حادثة اعتداء على عائلة لا تصدق في أهم شوارع العاصمة عمّان، تستفزك الفيديوهات التي كشفت عنها، وتتوجع من الداخل، هل فعلًا أصبحت حياتنا في خطر إلى هذا الحد.
تستيقظ مبكرا صباح الأحد على وقع جريمة بشعة، شخص يطعن زوجته الحامل عدة طعنات فيرديها قتيلة، ويكمل جريمته على ابنه ذي الأربع سنوات بالطعن والقتل حتى تخرج أحشاءه أمامه.
شخصيا؛ لا أصدق أن هذا المستوى من الإجرام قد يحدث من دون أن يكون الشخص المجرم تحت تأثير المخدِّر.
قد تصل الخلافات العائلية بين الزوج وزوجته حد الاستفزاز ويقوم بقتلها بطريقة بشعة، أما أن يفعل السلوك ذاته مع ابنه فلا يمكن أن يكون طبيعيا.
إنها المخدرات وما تفعله بالعقل يا سادة، فهي منتشرة منذ سنوات في شوارعنا ومدارسنا وجامعاتنا بشكل لافت، وقد تم التحذير كثيرا من تداعياتها، لكن للأسف لم يتم محاصرتها بل هي في انتشار واسع.
لقد انتشرت في قرانا الصغيرة حتى وصلت إلى مناطق لا يمكن التصور أن تصلها.
نًقدّر عاليًا جهود أجهزة مكافحة المخدرات، لكن على ما يبدو أن الظاهرة أصبحت أكبر من جهود المكافحة، تحتاج علاجًا جماعيًا يشارك به الجميع، يبدأ من المدارس.
نسمع يوميًا خبرًا عن المخدرات، ولِنُذكِّر إن نفعت الذكرى أن الفاجعة الأكبر، عندما نسمع روايات عن انتشار ظاهرة المخدرات بين طلبة المدارس، والمصيبة أنهم طلبة لا تتجاوز أعمارهم الـ 14 عاما، وكذلك بين طلبة الجامعات!
المخدرات قتلت 55 شخصا في الأردن خلال الأربع سنوات الماضية، وأن “10” إلى “20” من مئة من الجرائم عامة تعود الى تعاطي المخدرات، وتم ضبط 1000 طالب جامعي ومدرَسي يتعاطون المخدرات في هذه الفترة، وأن المركز الوطني لتأهيل المدمنين استقبل أكثر من “3” آلاف حالة، تكلفة علاج المدمن الواحد اليومية على الدولة تبلغ 350 دينارا.
يؤكد صديق أنه منذ سنوات قلائل كان الحصول على حبيبات من مخدر (البرازين او الكبتاجون ) يحتاج الى عنصرين (النفوذ والمال) ثالثهما العناء، فقد كانت الحبة الواحدة تباع ببضعة دنانير ولا يحصل عليها الشخص النافذ الا بمشقّة، اما اليوم فهي متوفرة في الشوارع والمقاهي والجامعات والمدارس وهي أماكن يكثر فيها ترويج المخدرات، بل لم تعد هذه الآفة تقتصر على المدن بل انتقلت إلى القرى كالنار في الهشيم ، لأن المال والنفوذ والعناء لم تعد ضرورية للحصول على هذه الحبة التي باتت تباع بشلن!
فرض رسوم وضرائب عالية على المشروبات الروحية وارتفاع سعرها بشكل خيالي وكذلك السجائر هو أحد الأسباب الذي زاد من انتشار المخدرات نظرا لانخفاض سعرها.
الدايم الله….