الأول نيوز – ساعات ونطوي صفحة سنة مختلفة في كل شيء، ونفتح إضبارة سنة جديدة ربما تكون أكثر اختلافا، نودع السنة بحالة تشاؤمية فرضت سياقاتها على عقول الناس، وعلى لقمة عيشهم، فبات الكل يردد “الله يستر”.
نودع سنة على وقع مشاهد في غزة خارج سياق الزمن والضمير حيث يموت الكبار والرضّع من شدة البرد في خيام النزوح، ولا أحد يرفع سبابته في وجه هذا الحقير ويقول له كفى…
رافقت هذه الأحوال أوضاع اقتصادية كانت الأسوأ بالمقاييس كلها على عواصم العالم جميعها، التي عكست فيها الحروب والصراعات والفوضى ضرائب جديدة على حياة الناس المعيشية.
سنة بطعم الموت.. تلفظ أنفاسها الأخيرة غير مأسوف عليها، ومن دون كلمة وداع لطيفة، باختصار، كانت سنة قاسية بكل المقاييس.
في الأردن، كما في مصر، وأماكن كثيرة، هناك حزب معارض يتطور يوميا، لا يعارض سياسات ولا يطلب علاوات، بل يعارض الحياة ذاتها، حزب يتزعمه الموت، بلا صحيفة ولا كتاب ولا قراء، شعاره الوحيد، “الراحة الأبدية “. حزب المنتحرين الذين تتزايد أعدادهم بين الشباب والعاطلين من العمل. حيث سجلت في الأردن 87 حالة انتحار في أول 10 أشهر من 2024.
ما الذي يدفع شابا جامعيا إلى تعليق نفسه بعمود كهرباء ليودع الحياة في لحظات، وكيف يكون الحبل لعبة طفل لم يتجاوز العاشرة، ليضعه حول عنقه، فيغادر الحياة خلسة عن أُمٍ فجعت بفقده.
كيف يتحول جسر جميل معلق يربط عبدون (أجمل مناطق العاصمة عمان) إلى عنوان للانتحار..
في هذه السنة نشم رائحة الموت من حولنا، ونسمع أنات المصابين عبر وسائل الاطمئنان عنهم.
في نصفنا الثاني، فلسطين؛ كان صعبا على غزة المُبادَة والضفة على صفيح ساخن، كانت سنة قاسية أخرى تضاف إلى السنوات التي سبقتها، سنة بطعم الدم والجوع والقهر وانتظار القصف والدمار.
باختصار؛ وحتى لا تتوالى الانكسارات أكثر، بنظرة سريعة إلى عالمنا العربي، نجد أن القضية الفلسطينية ذاهبة إلى الضياع، وسورية بعد كَحْش الأسد لا أحد يعلم إلى أين مصيرها، ولبنان يغلي على فساد اللادولة وبلا رئيس، والسودان مجازر بعيدة عن أعين الكاميرات، والعراق مهدد بالتقسيم، على كف عفريت أجندات إيران، واليمن ليس بسعيد، وصحراء المغرب قد تشعل حربا مع الجزائر، والخليج ارتاح قليلا من أطماع إيران المنكسرة شوكتها، ومصر مخنوقة من أزمة أقتصادية طاحنة.
تبحث بين الأخبار التي تتزاحم حولك عن خبر خفيف لتدخل به السنة الجديدة، فتعلن منظمات حقوقية، نقلا عن ناجين من مركب كان يقل مهاجرين، أن عشرات الشباب لقوا حتفهم وسط البحر في أثناء محاولتهم الوصول الى شواطئ أوروبا، بعد أن نفد الوقود من قاربهم، ولم يبق طعام أو شراب على ظهر القارب.
نهاية سنة يغادرنا فيها فنان شعبي مبدع من وزن أحمد عدوية، وتدقق في مطالب فنان أردني كبير إبراهيم أبو الخير فلا ترى إلا أبسط متطلبات الحياة، فتلعن الساعة التي أوصلتنا إلى هذه المرحلة….
هل أكمل..؟ أشعر أن صمامات قلبي بدأت تضيق مثلما هي أوطاننا … والمطر البخيل الذي يتلاعب في أعصابنا، مستمر في الهطل منذ ساعات يدغدغ قلوب العشاق..
كل السنة والجميع بخير وفرح وحياة وحب…
الدايم الله..