بقلم - أسامة الرنتيسي
هل تُصدقون أن بيننا كثيرين لا يزالون يشككون بعدد مصابي الكورونا، وأعداد الوفيات، وأعداد المصابين بالفيروس المتحور الجديد، حجتهم أن التلاعب في عدد أرقام المصابين يجلب مساعدات إضافية.
هؤلاء من المتعلمين “بتوع المدارس” لا يترددون لحظة في التشكيك بالنشرات الرسمية، هم بالأصل يشككون في كل شيء، وعن حكاية المطعوم، حدث ولا حرج، حتى عن المطعوم، أقله التلاعب بجيناتنا، على اعتبار أن جيناتنا نادرة، تحتاج إلى مَن يقلل مِن نسب الذكاء والعبقرية فيها.
التشكيك في الأرقام، وفي الخطاب الرسمي عموما ليس وليد أزمة كورونا، فمنذ أن بدأ الخطاب الحكومي يُزوِّر في أرقام النمو الاقتصادي، (هل تذكرون عندما أعلنوا ذا صباح بائس أن النمو الاقتصادي وصل 8 %، على عكس ما كان يعيشه المواطن) منذ ذلك، ونحن نمضي من سيّئ الى أسوأ، واصبح التزوير والغش في الأرقام سمة الخطاب الحكومي لتمرير السياسات الاقتصادية الفاشلة.
لعبة الأرقام في الأردن قديمة، اعتمدت عليها معظم الحكومات المتعاقبة، حتى في الأرقام غير الاقتصادية، فإن نهجها التزوير.
أذكر؛ في أول جولاته الإعلامية وعلى شاشة التلفزة الأردنية، صَدَم رئيس الوزراء الأسبق عبدالله النسور الشعب الأردني، عندما تحدث عن تكلفة الفاتورة النفطية، وقال إن المواطنين الأردنيين يدفعون ملياري دينار وتدفع عنهم الدولة ملياري دينار مثلها، ومنذ تلك الليلة لم اسمع اي خبير او مطلع او تاجر او شخص يفهم في موضوع النفط، يؤيد النسور في أرقامه.
في موضوع الكهرباء، لا تتردد أن تخرج علينا الشركة وإدارتها بأرقام مرعبة، وأوضاع كارثية، اذا لم تُرفع الأسعار، فإننا سنعود الى العصر الحجري، ويتم تظليم مناطق وإنارة أخرى (نعود إلى لعبة الدور).
وفي لعبة الزوجي والفردي، خرجت العبقرية الحكومية يوما لتبشر المواطنين بإمكان العودة الى نظام الدور في استخدام السيارات، وهذا على عكس المنطق الذي يقول إن الحكومة تستفيد ماليا من الاستخدام الأكثر للبنزين في إثر الضريبة العالية التي تفرضها علينا.
وفي أرقام البطالة والفقر، تُزور الحكومات المتعاقبة في النسب، ولم تخرج يوما نسبة صحيحة من الممكن ان تبنى عليها استراتيجيات للحل.
وفي ارقام الضرائب وحجم تحصيلها، وعدد المتهربين منها، تبقى الأرقام متقلبة، مثلما تقلبت الارقام مرارا في حجم المديونية الى ان وصلت الى ما وصلت إليه الآن من رعب حقيقي، حتى في نسب الفوائد عليها.
ذهبنا الى البنك الدُّولي بارقامنا المزورة، حول كمية الدعم الذي تقدمه الحكومة للمواطنين، فجاءت التوصيات عكس ما يتمنى الأردنيون، فوقعنا في مطب تخفيض الدعم.
وفي نسب أعداد الوافدين، فقد تفاجأ المراقبون عندما بدأ الخطاب الحكومي يتحدث عن مليوني عامل مصري في السوق المحلية، مع أن نسب وزارة العمل لم تتعدَّ يوما نصف مليون، نصفهم يحملون تصاريح عمل، فمِن أين جاء رقم المليونين المفاجئ؟.
لعبنا في كل شيء، حتى لعبنا في ارقام نتائج أعضاء مجلس النواب، أكثر من مرة، فجاء التزوير فاضحا، ووصلت السخرية إلى أن “كل مياه المحيط الهندي لن تغسل انتخاباتنا”.
الدايم الله…