بقلم - أسامة الرنتيسي
لم تتغير الأوضاع كثيرا برغم إقرار قانون المسؤولية الطبية، ولا يمضي يوم إلا ونسمع عن حالة وفاة — في تقدير ذويها أنها نتيجة خطأ طبي، او سوء متابعة علاجية وتمريضية بعد إجراء عملية —.
رحم الله الطبيبة غنوة البستنجي التي توفيت نتيجة عملية شفط دهون على يدي طبيب جراحة عامة ليس مختصا بالتجميل.
لا أريد أن أعمم، ولا أطعن في المستوى الطبي الذي نفتخر به عربيا، ولكن من باب الخوف على مستقبل الطب والسمعة العالية التي وصلناها، لا نتمنى أن يصيبها العطب من جراء الفوضى العامة في معظم القطاعات المهنية، وغياب المنظومة الأخلاقية عن كثير من المهن.
الأخطاء الطبية مصير أصحابها القبور، واللوعة والحسرة والمفاجأة مصير الأهل، وفي حالات كثيرة يجد المرء مبررا للاعتداءات والمشاجرات التي تقع في المستشفيات من قبل مرافقين لمرضى في لحظة معينة يصلهم خبر وفاة ابنهم او قريبهم.
سمعتُ روايات كثيرة وأحاديث عن فوضى في عمليات قص المعدة التي يشهد إجراؤها زيادة كبيرة، وأخطر ما في الأمر أن الذي يقرر إجراء العملية هو المريض لا الطبيب الذي يسيل لعابه للمبلغ المالي الكبير الذي يوعد به لإجراء العملية.
سمعت عن أطباء استقالوا من الخدمات الطبية أو وزارة الصحة كي يستفيدوا من التكاليف المالية التي يتقاضونها عن عمليات قص المعدة.
بعد تعثر طويل لقانون المساءلة الطبية في مجلس النواب وأدخلت عليه تشويهات وصلت حد الاسم، فبدلا من المساءلة الطبية، أصبحت المسؤولية الطبية، والفرق بينهما كثير، وإضافة وجود “مُحْرَم” مع المريض كشف عن العقلية التي صيغ بها القانون.
قد يكون مفهوما أن تعمل مؤسسات طبية على وأد قانون المساءلة الطبية طوال السنوات الماضية، لكن من غير المفهوم أن يبقى هذا القانون مُعلقًا في الهواء، وتستمر الأخطاء الطبية من دون محاسبة، ليس بهدف معاقبة المخطئ فقط، بل من أجل حماية سمعة المؤسسات الطبية والأطباء الأردنيين، وفي المجمل؛ العملية الصحيّة بالكامل.
كل وزير صحة جاء على رأس الوزارة قام فورا بتحريك قانون المساءلة الطبية، لكن ما أن يتم الحديث عن هذا القانون، إلاّ وتتحرك اللوبيات المتضررة من هذا القانون لمنع إقراره، ومع هذا لم نستفد كثيرا بعد إقراره.
الأخطاء الطبية باتت منتشرة، وهي في ازدياد واضح في الآونة الأخيرة، لدرجة لافتة، وقد يكون مَرَدُّ ذلك ناتجًا- كما قال يوما وزير الصحة الأسبق زيد حمزة- عن توسيع ميادين العمل الاختصاصي، حيث ظهرت أخطاء أكثر، كما أن وعي المواطنين تغيّر، وانتقل من التسامح مع الأطباء على مبدأ “هذه إرادة الله” إلى المطالبة بالحقوق.” أذكر أن نقابة الأطباء هددت بالاعتصام أمام مجلس النواب، وأصدرت نقابة الأسنان بيانا ضد القانون، فلِمَ لا تصل نقابة الأطباء الى هذا الحماس عندما تسمع عن وقوع أخطاء طبية.
الدايم الله…..