بقلم - أسامة الرنتيسي
لست قانونيا؛ ولكن أعتقد أن ما جاء على لسان رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز في أثناء طلته الأسبوعية على الأردنيين فيها من الخطورة الشيء الكثير.
الرزاز قال: إن إغلاق الاقتصاد والعزل غير مجدٍ على المستويين المتوسط والطويل.
هذا الاعتراف المتأخر بعد سبعة أشهر من التعامل مع الجائحة وما سببه من كوارث على المستويات الاقتصادية والنفسانية والاجتماعية كلها، له مدعاة لكل من تعرض لخسارة أو ألمٍ أو انتكاسة نفسانية أن يقاضي الحكومة الأردنية على ما فعلته قراراتها وأوامر الدفاع التي فرضتها، والبينة الدفاعية الأولى ” اعتراف دولة الرئيس”.
خبير في القانون الدُّولي من وزن الدكتور أنيس القاسم استغرب بشدة تصريحات الدكتور عمر الرزاز، واعتبرها كارثية.
طبعا؛ كثيرون حذروا منذ اليوم الأول من أن التعامل الحاد والإغلاقات المستمرة للحياة والاقتصاد والهواء الأردني سيتسبب بأضرار كارثية، لكن عباقرة الحكومة “ركبوا رؤوسهم..” واصروا على قراراتهم غير المجدية، ونظرية “بنشف وبموت..”.
تصريحات الرئيس جاءت بعد ايام قليلة عن الحظر الشامل الذي فرضته على العاصمة عمان ومدينة الزرقاء، فهل هذا إعلان نهائي: إننا لن نعود مرة أخرى إلى الإغلاق والحظر وحبس الناس…
الذكاء الحكومي لا وصف له، فبعد مضي 24 ساعة على تصريحات الرزاز تخرج علينا وزارة التخطيط لتعلن أن قيمة المساعدات الخارجية خلال شهر تموز (يوليو) الماضي، مليار دولار أميركي، وبعد ذلك يطلب من الأردنيين أن يقتنعوا أن الاوضاع المالية للدولة الاردنية صعبة، وصعبة جدا.
منذ سنوات، لم نسمع سوى أحاديث محبطة عن الاقتصاد والعجز والموازنة التي قيل عنها أكثر من مرة أنها تشهد أوضاعا كارثية صعبة، التي لم تعالج يوما إلا بقرارات اقتصادية صعبة أيضا، ولم تجد حلًا لها سوى جيوب المواطنين، ومنذ سنوات تتفاخر الحكومات بأنها أوقفت التعيينات في الوظائف الحكومية جميعها، ما عدا وزارتي الصحة والتربية.
مصيبة إذا كانت الحكومة ومجساتها وصناع القرار لا يعرفون أن الأوضاع الداخلية مرتبكة وقلقة ومحبطة، والأوضاع الاقتصادية والمعيشية في صعوبة لم يشهد الأردنيون مثلها في أكثر الليالي حلكة، لهذا تحتاج المرحلة إلى وقفة جادة وحقيقية؛ إذ أنه لم يقف شعب مع حكوماته كما وقف الشعب الأردني الذي طالبته الحكومات المتعاقبة منذ عام 1989 بشد الأحزمة على البطون، وفعل ذلك راضيًا قانعًا، وما زال الشدّ مستمرا لا تُعرف نهاياته.
لا يجوز أن نبالغ في المناورة على شعبنا، وعلى قدراته في التحمل، لأن كل ذلك لا ينفع إذا فلتت الأمور، وهناك احتقان شعبي من ضعف مكافحة الفساد الحقيقي، وخيبة أمل من الأداء العام في البلاد، التي تسير “على البركة”…
واليوم ومع حرارة الجو غير الطبيعية تُشعل الحكومة نارا قرب محطة محروقات وتقرر رفع أسعار البنزين والديزل والكاز….
الدايم الله…