تعلل الأردنيون في ليلة الحظر بتبادل الأخبار والنكات على التعديل الوزاري المرتقب، حتى فاضت قرائحهم عن تأليف قًسَم جديد….
“قسم الوزراء الجديد أمام الرئيس:
أقسم بالله العظيم
أن ألبس الكمامة
وأن أحافظ على التباعد
وأستخدم الهايجين
وأن لا أدخل أي مطعم
ولا ألبي أية دعوة”….
ولأن الحياة السياسية في الأردن تعاليل وسواليف حصيدة من دون أسس ولا معايير، فتعالوا نكمل التعليلة معًا.
لم يمض على تشكيل الحكومة أربعة أشهر، واحتاج الرئيس وقتها نحو أسبوعٍ وهو يرتب ويتكتك ويختار، وخرج بالتشكيلة النهائية، الآن ماذا حصل كي يتحول التعديل إلى منقذ للحكومة ولقاح للتجانس.
سبب واحد ، لوجه الله ثم للشعب المسخم، نقبل أن يخرج به الرئيس ليقول لنا إن هذا هو سبب التعديل الوزاري، والخارجين من الحكومة هم الذين ارتكبوه، لذلك أخرجوا..
سبب واحد نقبل أن يتجرأ الدكتور بشر الخصاونة ويقول إن التعديل جاء لترشيق عدد الحكومة من 32 وزيرا إلى 15 وزيرا مثلما أقسمت قبل 24 ساعة الحكومة الكويتية.
الكويت؛ البلد الغني لا يتجاوز عدد الوزراء في الحكومة 15 وزيرا، واما نحن بلد العجز والمديونية الصعبة عدد وزراء الحكومة 32 وزيرا!
ليست مشكلة الخصاونة، بل مشكلة البلد في تشكيل الحكومات والتعديلات الوزارية التي تتم من دون نواظم ومشتركات بين الفريق الوزاري، وبرامج، وأهداف، ولا سقوف زمنية لأية خطة، شيءٌ يشبه “خبز الشحادين”.. من كل بيت قطعة.
التعديلات الوزارية، فقط تتم من خلال شبكة العلاقات الخاصة للرئيس والدوائر التي تُرشّح فلانا وتستثني علانًا.
معارف شخصية، أصدقاء، جيران، أبناء أصدقاء، نشطاء في الحياة العامة من خلال مراكز ومؤسسات تدفع بهم للواجهات.
لم يفقد التعديل الوزاري في الأردن بشكل عام بريقه فقط، بل فقد مبرراته.
منذ سنوات؛ التعديلات الوزارية أقل من عادية، وبلا أي سياق سياسي، وبأية نكهة، أو حاجة ملحة، فقط تعديل لتجميل الحكومة وإنعاشها، سياق اعتيادي، إحلالي، شخص مكان شخص، استبدالات لملء المناصب والشواغر والفراغات.
بصراحة أكثر، اي تعديل مع الاحترام لأشخاصه، الخارجين والداخلين، ليس له داع، وليس فيه تغيير في البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يتناسب مع الفترة الزمنية الحرجة التي تمر بها البلاد والمنطقة، ولا يستحق حالة الكتمان التي يمارسها الرئيس، ولا التسريبات الإعلامية التي كانت تجس النبض في فترات طوال.
لنترك التعاليل ولنتحدث سياسة بعمق أكثر، ففي لحظات تتهشم الأنفس يأسًا وإحباطًا مما يجري، ومما يرى المرء ويسمع من المسؤولين عندنا، لا تجد أفقا تهرب إليه، سوى أن تحلق في عالم آخر، وتنظر كيف يتم التقدم فيه.
في بلادنا، تتجه أشياء كثيرة نحو المجهول، القيم والأخلاق، والمنظومة اعتراها البؤس، وأصاب الفساد أركانها، فخرجت الآراء علينا تلعن المجتمع، وتمجد الدولة، وكأن الخراب الذي يدق أركاننا، لا تتحمل القوانين الرجعية، والأنظمة والتعليمات المتخلفة، سببه المباشر.
فالج لا تعالج، فعلا، البلد تسير على البركة، ومن دون اي مشروع إصلاحي، فقط ننتظر أن لا تقع مصيبة غدا..
الدايم الله…..