شخصيا؛ أُصاب بالذعر كلما سمعت خبرا يتعلق بالبنك الدُّولي، الذي وسمناه بالنّكد الدُّولي منذ بدايات برامج ما سُمِّي بالتصحيح الاقتصادي.
الأخبار العادية تُرهِبنا، فكيف الحال إذا وصلنا لمرحلة الدلع والتدليع…
آخر تقارير البنك الدُّولي مثلما كشفت عنه الزميلة سماح بيبرس في صحيفة “الغد” توقع البنك الدولي في تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية الأخير تراجع نمو الاقتصاد الأردني 3.5 % للعام الحالي، فيما أشار الى بدء تعافيه في العام 2021 ليتنبأ بأن يحقق الاقتصاد نموا العام المقبل
2 %.
شهادة جديدة من البنك الدولي أننا سندخل في بدء تعافٍ اقتصادي العام المقبل.
طبعا عندما يمنح البنك الدولي شهادة تعافٍ وتحسنٍ يعني هذا أنه لا يمانع في منح قروض جديدة لتتضخم المديونية أكثر وأكثر.
وحتى يزيد البنك في رشاويه لنا يوافق قبل يومين على حزمة مساعدات مالية بقيمة 100 مليون دولار، بهدف زيادة فرص الحصول على الوظائف، وتحسين ظروف عمل المواطنين الأردنيين واللاجئين السوريين.
أموت وأعرف كيف حسبها البنك الدولي ورجالاته، بتعافى الاقتصاد الأردني في العام المقبل، ونحن في هذا العام نمر في أسوأ وضع مالي، وتأكدوا من هذا الكلام من وزير المالية الذي بدأ بعمل جراحات واسعة في موازنة 2020، نُقلات وإلغاء وشطب من دون عودة إلى الأطر الدستورية في تعديل بنود الموازنة، وعذره الذي يعلن عنه أن الأمور لا تسمح بالمضي كيفما كانت أرقام الموازنة المقرة من مجلس النواب.
للحقيقة؛ جماعة البنك الدولي هم الأكثر اطّلاعا على المشروعات السياسية المقبلة في المنطقة والعالم، والخوف أن تكون قراءتُهم وتقاريرهم لحالة تعافي الاقتصاد الأردني مرتبطة بمشروع سياسي يُحضّر لنا.
لم يُغيّر الكورونا كثيرا في مخططات وسياسات البنك الدولي، فهو أداء لتجويع الشعوب منذ بدء إنشائه، لا يلتفت للمخاطر الاجتماعية لأية دولة يتعامل معها والتجارب أثبتت ذلك في أكثر من بلد.
منذ سنوات ونصائح البنك الدولي للاردن تركز على ضرورة تحرير أسعار مواد الوقود – وهو ما حصل – وتحرير أسعار الكهرباء والماء – وقد حصل أكثر من نصفها – والنصائح الرئيسية الأخرى تتعلق بخصخصة التعليم والصحة، والتبرير من جماعة البنك الدولي أنه لا يمكن تحسين أحوال الصحة والتعليم وتطويرهما إلا من خلال الخصخصة بعد أن شاخ كثيرا القطاع العام.
ضغوطات ونصائح البنك الدُّولي لم تتوقف يوما للحكومات الأردنية، منذ أن ابتلينا بما يسمى برامج التصحيح الاقتصادي وهي في واقع الأمر برامج الإخلال الاقتصادي والاجتماعي، آخر هذه النصائح كانت قبل الكورونا بأشهر عندما جدد “مطالبته الأردن بإجراء مزيد من الإصلاحات المالية والاقتصادية خلال الفترة المقبلة، لتخفيض عجز الموازنة الذي لا يزال مرتفعا برغم رفع الحكومة الضرائب وإلغائها الدعم عن سلع وخدمات أساسية مثل الخبز”.
الإصلاحات التي يعنيها البنك هي مزيد من الضرائب التي أتخم بها المواطن الأردني، ولم يعد هناك مجال سوى البحث عن قطاعات أخرى للإصلاح كما يقول الصندوق، وكل الخوف أن يكون المقصود “التعليم والصحة”.
لكن الخوف الأكبر أن يكون التعافي الذي يكشف عنه البنك الدولي هو ثمن لمشروعات سياسية خطيرة في المنطقة.
الدايم الله…