بقلم - أسامة الرنتيسي
غطت مشاهد الأسلحة وليلة الرعب التي عاشها الأردنيون على أخبار الانتخابات ونتائجها، وتداول الأردنيون فيديوهات للمناورات الحية باستخدام كافة أنواع الأسلحة الموجودة بين أيدي الأردنيين، ولا أحد يعلم بالضبط لِمَ هي موجودة بهذه الكثافة، وكم عددها.
على ذمة وزير الداخلية السابق سلامة حماد فقد ذكر يوما أن هناك 10 ملايين قطعة سلاح بين أيدي الأردنيين، أي بمعدل قطعة لكل مواطن ومقيم على أرض المملكة، صغيرا وكبيرا.
حتى لو كانت معلومة حماد نصف دقيقة، ويوجد في أيدي الأردنيين نصف هذا العدد خمسة ملايين قطعة سلاح، فهذه معلومة ليست خطيرة فقط بل كارثية.
في الحديث عن السلاح وحجم انتشاره، تفاصيل بعضها يمكن تصديقه، وبعضها الآخر يشعر المرء أنه مبالغ فيه بدرجة كبيرة.
في الفيديوهات المتداولة (إن كان بعضها صحيحا) قديمة كانت أم جديدة، شاهدنا أسلحة تجاوزت المسدس والبندقية، إلى الأسلحة الثقيلة، والرشاشات، وهذا أمر لا يمكن أن يستقيم في دولة السيادة والقانون، وخطورته باتت لا تحتمل المعالجة الشكلية، بل هناك حاجة لمعالجة جذرية وحاسمة في قضية امتلاك الأسلحة، وتفعيل قانون الأسلحة النارية والذخائر.
سابقا؛ هناك حديث متواتر عن امتلاك جماعات التيارات السلفية الجهادية إلى شتّى أنواع الأسلحة، بعضها تعلم عنه أجهزة الدولة، وبعضها غير معلوم.
وصل الأمر بموضوع السلاح، ما تناقلته الكامرا الخفية قبل فترة، عندما حاول مُعدّوها المزاح مع أحد المواطنين الذي تركهم وتوجه إلى سيارته، وأخرج رشاشا، وأطلق النار في الهواء، وكادوا يفقدون حياتهم من جراء لعبة الكامرا الخفية.
تسمع من محبي امتلاك السلاح روايات عن تجارة منتشرة في البلاد، وارتفاع جنوني ملاحظ على وقع مستجدات المشهد السياسي في المحيط والدول المجاورة، حتى بات هوس التسلح هاجسًا يلاحق أفراد المجتمع، ولا يكاد يخلو منزل من قطعة سلاح خفيفة، وتتكشّف هذه الظاهرة بوضوح اذا كانت هناك مناسبة فرح، ففي بعض المدن والبلدات تتحول الأعراس إلى جبهات لا يمكن تصور واقعها، ويُسمع أزيز الرصاص من مختلف أنواع الأسلحة، وكأننا في جبهات قتال.
أخطر ما في الظاهرة أن هناك استسهالا غريبا لاستخدام الأسلحة، فخلاف بسيط على ضمان مزرعة في الأغوار، يقتل فيه شاب بسلاح ناري، ومشاجرة بين طالبين في جامعة، تتحول في إثرها الساحات إلى ميادين مواجهة بالسلاح الناري، عوضا عن السلاح الأبيض، وإذا اختلف اثنان على إشارة ضوئية، فلا تستغرب رفع السلاح في تلك اللحظة.
نعيش أجواءً من العنف المجتمعي، والتوتر نتيجة الأوضاع الاقتصادية، والقلق نتيجة الأوضاع السياسية المرتبكة داخليا، والمتفجرة حولنا، فهل نزيد من حالة الغليان بامتلاك مزيد من الأسلحة، أم نُفعِّل دولة الحق والقانون؟ ونتساءل: ما الذي يدفع المواطن في دولة القانون والمؤسسات الى اقتناء السلاح سرا؟ وهل هناك علاقة بين لجوء المواطن إلى تسليح نفسه وتراجع هيبة الدولة؟.
الدايم الله…