بقلم - أسامة الرنتيسي
إذا خرج التعديل الوزاري المرتقب عن فكرة تخفيف الحمولة الزائدة في الحكومة، فإننا ندور في حلقات التجريب والتدوير الوزاري على حساب الشعب المنحوس الذي وصل إلى حالة اليأس مِن إصلاح الأوضاع العامة .
أخبار التعديل باتت محسومة، وقد لا يكون التوقيت قريبا مثلما يشاع، لكن المؤكد أن “التعديل وارد فالعدد كبير وربما نعود إلى دمج الوزارات”.
حتى الآن؛ لم تفعل الحكومة شيئا، ولم تضع بصمة يشار إليها، ولم يحفظ المواطنون أسماء بعض الوزراء، “فلشو التعديل” !؟.
إذا عُدنا في التعديل إلى سيرتنا الأولى وتنفتح «بورصة الأسماء» على تغييرات جديدة، واستبدال خالد بعمرو، فإننا نكون نُحطب في طواحين الهواء، ولا نستند في التغيير إلى إصلاح حقيقي، خاصة أن الأردن مثقل بالتحديات الكبرى، وعلى أصحاب القرار السياسي البحث عن كلمة السرّ التي ستفتح على باب التغيير، وتلبية متطلبات برنامج إصلاحي بات ضروريًا وملحًا، لا يحتمل التأجيل، من دون دفع تكاليف الانتقال من مرحلة تأريخية إلى أخرى.
يجب أن يحمل قرار تغيير الحكومات والتعديلات الوزارية الكثيرة معاني تغيير السياسات الرسمية القائمة التي أثقلت كاهل المواطن، وتبنّي سياسات إصلاحية جادّة على جميع المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وحتى أصبح السؤال الكبير الذي يُطرح هو: لِمَ تفاقمت حالة التوتر والتأزم الاقتصادي (ارتفاع البطالة والمديونية والغلاء)، والاجتماعي (العنف والمخدرات)، والسياسي (التردد وغياب الرؤية الاستراتيجية)؟؟.
كلمة السرّ الدقيقة التي لا تخطئ هي اعتماد استراتيجية جادّة للإصلاح السياسي والاقتصادي المعيشي المباشر، فالفئات الفقيرة هي التي يجب أن تلمَس بأيديها وبأعينها منافع الإصلاح، لا أن تدفع ثمنه مرّتين.
لم يفقد التعديل الوزاري في الأردن بشكل عام بريقه فقط، بل فقد مبرراته.
تعديلات وزارية أقل من عادية، وبلا أي سياق سياسي، وبأية نكهة، أو حاجة ملحة، فقط تعديل لتجميل الحكومات وإنعاشها، سياق اعتيادي، إحلالي، شخص مكان شخص، استبدالات لملء المناصب والشواغر والفراغات.
بصراحة أكثر، اي تعديل إذا كان من دون تغيير في البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فإنه لا يتناسب مع الفترة الزمنية الحرجة التي تمر بها البلاد والمنطقة، لا يستحق التسريبات الإعلامية التي تجس النبض في فترات طوال.
لنتحدث سياسة بعمق أكثر، ففي لحظات تتهشم الأنفس يأسًا وإحباطًا مما يجري، ومما يرى المرء ويسمع من المسؤولين عندنا، لا تجد أفقا تهرب إليه، سوى أن تحلق في عالم آخر، وتنظر كيف يتم التقدم فيه.
في بلادنا، تتجه أشياء كثيرة نحو المجهول، القيم والأخلاق، والمنظومة اعتراها البؤس، وأصاب الفساد أركانها، فخرجت الآراء علينا تلعن المجتمع، وتمجد الدولة، وكأن الخراب الذي يدق أركاننا، لا تتحمل القوانين الرجعية، والأنظمة والتعليمات المتخلفة، سببه المباشر.
فالج لا تعالج، وفعلا، البلد تسير على البركة، ومن دون أي مشروع إصلاحي، فقط ننتظر أن لا تقع مصيبة غدًا..
الدايم الله…..