بقلم - أسامة الرنتيسي
لم يبق أمام أصغر نائبة منتخبة فائزة في البرلمان (المهندسة مروة الصعوب) إلا تحويل أوراقها بسبب تلعثمها إلى فضيلة المفتي حتى يوقع على إعدامها.
صبية صغيرة (32 عاما) تجلس في مواجهة الكاميرات، ربما لأول مرة تتلعثم في جملة تريد منها توجيه التحية لجلالة الملك، تنشغل السوشيال ميديا فيها، حالة من التنمر غير مسبوقة، وكأن مروة ارتكبت جريمة لا تغتفر.
يا سعادة النائبة المنتخبة المهندسة مروة الصعوب (فائزة على قوائم نواب كتلة الإخوان المسلمين بالمناسبة) لا تتوقفي كثيرا عند الذي حصل، فهذا يحصل معك ومع كبار الساسة، يتلعثمون مرة وعشرة، لكن ننتظر منك أداء مدهشا تحت القبة لتثبتين للجميع أنك فزتِ لأنك تستحقين ذلك، والحكم أولا وأخيرا على أدائك، لا على أحاديثك الإعلامية.
ليست مروة وحدها، فقد تنمر كثيرون على فيديو قيل زورا وبهتانا إنه يعود للمرشح الدكتور نصار الحيصة، وتبين أن الدكتور غير موجود أبدا في الاحتفالية التي قيل فيها مِنْ نَقْدٍ شلّ البرلمان المقبل وتم إسقاطه قبل أن يبدأ.
لا يكفي الحالة البرلمانية التي يتم بالفعل شُغل ممنهج لإجهاضها، وهناك ممارسات للأسف تساعد على ذلك، وإنما يجلس أكثر من 1500 مرشح لم يحالفهم الحظ، ويجلس معهم عشرات الآلاف من مناصريهم وبأيديهم الهواتف النقالة، يتفششون بنشر عِرْض البرلمان المقبل، ويطالبون بإسقاطه قبل أن يبدأ، وهناك قوافل كثيرة تشارك في ذلك من دون أن تدقق في اية معلومة او صورة او فيديو او تعليق يصلها، لهذا فقد انشطبت هواتفنا في الثلاثة أيام الماضية، وأيام الحظر القاتلة، في استقبال مئات او أكثر من الرسائل والمسجات والفيديوهات البائسة.
لم يعد الوضع يُحتمل، ولم تعد قوانين الجرائم الإلكترونية تفي بالغرض، ومهما حاول او هدد المرء باللجوء للقضاء فإن تنمر وتجبر بعض الأشخاص تجاوز كل حدود.
الحقيقة التي يغفلها كثيرون أن أعداد المتنمرين ليست كبيرة، لكن المشكلة الحقيقية في الأصوات العاقلة وهي الأكبر تقرأ حالات التنمر ولا ترد عليها، ولا حتى تلتفت إليها، والعقال هم الأقل مشاركة في الحضور على وسائل التواصل الاجتماعي.
ومشكلة أخرى يعاني منها بعض العقال والمثقفين إنهم قد ينشرون ما يصل إلى هواتفهم من الغوغاء والدهماء من دون تحقق، وإذا راجعتهم يعترفون فورا أنهم لم يتحققوا ابدا من مصداقيتها.
راجعت، أكثر من صديق، قانونيين كبارا، ودكاترة سياسيين ومثقفين ينشرون كل ما يصل إلى هواتفهم، ويحولونها إلى جروبات مشتركين فيها، هل دققتم ما ارسلتم، بالله العظيم أكثرهم اعترف أنه لم يشاهد ما أرسل.
الدايم الله…