بقلم - أسامة الرنتيسي
لا شيء يضبط إيقاع البلاد المرتبك ويحرك عجلة الاقتصاد المتكلس وينعش الأوضاع المعيشية للمواطنين، سوى الشروع فورا في الاستحقاق الانتخابي.
منذ أشهر استعد الناس للانتخابات، وكان الشغل الشاغل للجميع البحث عن أجوبة واضحة لموعد الانتخابات ومصير مجلس النواب.
موعد الانتخابات تحدد، ومصير مجلس النواب سيتحدد قريبا، وقد بدأت منذ اشهر حركة نشطة للمرشحين، ويُقال إن بعض القوائم قد اكتمل عقدها، ويقال ايضًا إن أسماء كثير من المرشحين أصحاب الحظوة في الفوز أصبحت معروفة.
برغم الملحوظات الكثيرة على أداء مجلس النواب لكن حماس المواطنين للانتخابات لم يفتر، والآن أهم ما قد تفعله الهيئة المستقلة للانتخاب إعادة ثقة المواطنين بالانتخابات شرط أن تتم بأعلى درجات النزاهة واحترام خيارات الناخبين، بعد تجارب مريرة في التزوير، وللأسف يوجد الآن بيننا من يتبجح أنه مارس التزوير، وأنجَح فلان ورَسّب علان، من دون أن يتقدم للمحاكمة بأقسى الاتهامات، إذ زوّر إرادة الناس وتحكم في وعيهم، لكن؛ مرة أخرى، للأسف القانون حمى هؤلاء بسبب سقوط القضايا بالتقادم.
الانتخابات؛ مدخل معركة الإصلاح الحقيقي، وقد بدأت القوى والشخصيات التقليدية استعداداتها مبكرا لهذه الانتخابات، وهناك نسبة كبيرة من أعضاء مجلس النواب الحالي يفكرون بالعودة الى الانتخابات، مع أن بعضهم تكشّف إزاء ناخبيه والقوى التي زورت له منذ الأيام الأولى، لكن العقلية الرجعية التي تسكن من أسهم الحظ في وصوله الى مجلس النواب، تأبى أن تغادر أصحابها، فأخذوا مبكرا في الاستعداد للعملية الانتخابية الجديدة.
مع أن وزير الشؤون السياسية تسرع وأعلن أن معظم الأحزاب سوف تشارك في الانتخابات لكن وحدها القوى السياسية والاجتماعية لم تضع حتى الآن ملف الانتخابات على رأس أولوياتها، ولا تزال تنتظر “القائمة المغلقة”، لكن الاستعدادات اللوجستية لأي انتخابات، ولأية جهة تفكر بالوصول الى سدة مجلس النواب تستدعي البحث مبكرا عمن لديه فرص الوصول لعضوية المجلس، والبحث أيضا بالوسائل والبرامج التي ستقدمها للناس لان ما كان يقدم سابقا من برامج خشبية إنشائية لم يعد ينفع في الظروف الحالية التي تحتاج إلى برامج واقعية شبابية حديثة، لن يبلع الناخبون الشعارات من دون أن تكون لها أرجل حقيقية تسير عليها من خلال البرامج الاقتصادية والمعيشية والسياسية والاجتماعية العصرية.
حاجة البلاد الى الانتخابات اكثر من ضرورية، فهي علاج لحالة فقدان الثقة بين الناس ومؤسسات الدولة، وحتى تكون صناديق الاقتراع طريق الاحتكام لمن يملك القوة الشعبية ومن يمارس الادعاء فقط.
الانتخابات فرصة للتخلص من التشخيص الخطأ لمجمل الأوضاع التي نعيشها، خاصة الأوضاع الاقتصادية التي تضغط على عصب الدولة والشعب، ولا نجد مِن تشخيص بعد الكورونا الا أن “اقتصادنا دخل غرفة العناية الحثيثة” أو خرج منها، ولا أدري لِمَ يتحول رؤساء الوزارات عندنا من مهنهم الحقيقية الى أطباء وجراحين، وآخرهم إلى شاعر وحالم وواعظ…
الدايم الله…