بقلم - أسامة الرنتيسي
يحيى السعود شهيد جديد سجّل اسمه على قائمة الشرف لشهداء الطريق الصحراوي الذي لا يرتوي من دماء شبابنا الذين أزهقت أرواحهم قبل أن نصل إلى حل نهائي لهذا الطريق الذي أقل ما يوصف به أنه طريق الموت.
المختلفون مع يحيى السعود أضعاف المتفقين معه، لكنه في موته المفاجئ صدم الجميع، وقراره بمغادرة الحياة بهذه الطريقه تشبهه كثيرا، فهو الصدامي حد الاستغراب لكنه يحمل في داخله قلب طفل لا بد أن تعجب به.
شآبيب الرحمة والمغفرة لروح يحيى وشقيقه عمر ولأرواح الضحايا الذين سُفكت دماؤهم على الطريق الصحراوي، وكأننا في حرب مفتوحة.
كل ما يقع حادث مؤسف على الطريق الصحراوي تمر في الذاكرة أسماء لكبار المقاولين الذين “ملينو” من عطاءات حكومية وعطاءات الطريق الصحراوي، وملفاتهم مفتوحة في الذاكرة الشعبية وتمت محاكمتهم شعبيا كثيرا، لكن للأسف لا يزالون يتكرشون أكثر وأكثر.
بالمعايير كلها؛ ليست حوادث سير، بل جرائم قتل، تقع في شوارعنا، في الصحراوي وفي معظم الشوارع المهترئة التي تدّعي الحكومات أنها استدانت المليارات التي وصلت حاجز 40 مليار دينار من أجل البنية التحية وإدامتها، فلا هي أصلحت الشوارع، ولا طورت المستشفيات ولا حسنت المدارس.
سيبقى هذا الطريق المشؤوم (طريق الموت) يأكل خيرة أبناء هذا الوطن، كلّما تأخرت الحكومات ساعة عن إصلاح الطريق ، فهو في غاية الرداءة والاهتراء، والطرق البديلة التي تم توفيرها لم تمنع الجرائم البشعة التي ما زالت تقع في هذا الشارع.
أليست هذه حربا مفتوحة عندما يصل المعدل السنوي لوفيات حوادث السير إلى أكثر من 600 شخص سنويا. حيث أشار التقرير السنوي للحوادث المرورية في الأردن لعام 2019 الصادر عن مديرية الأمن العام الى أن الحوادث المرورية تسببت في 643 وفاة عام 2019 مقابل 571 وفاة خلال عام 2018 وبارتفاع 12.6%، وشكل المشاة 37% من الوفيات وعددهم 238 وفاة، والسائقون 21.3% بعدد 137 وفاة والركاب 41.7% بعدد 268 وفاة من كلا النوعين (ذكورا وإناثا) خلال عام 2019
في بعض الدول التي تقع فيها حروب وقتال لا يخسرون ضحايا بهذا العدد، ومع هذا ما زلنا نقول بدلع شديد “حادث سير مؤسف”.
ليس مهمًا، مَن قرر إلغاء عطاءات صيانة الطريق الصحراوي، أو من قرر تأخير إصلاح الطريق، المهم أن فسادًا ممددًا على الطريق الصحراوي منذ سنوات، ولا يجوز أن لا يُحاسب أحدٌ عليه.
منذ سنوات وملف الطريق الصحراوي مفتوح، كلما نزف الدم بعد كل حادث بشع، ينبري كثيرون يتحدثون عن الطريق المُميت، وضرورة صيانته وتحسين أحواله لنكتشف بعد همروجة الحكومات ، أن ملايين الدنانير كانت موزعة على عطاءات لصيانة الطريق.
الدايم الله…..