لا أسمع معلومة جديدة عن النفط والغاز في الأردن إلا ويقدح فورا في البال “ابو الجيولوجيا في الأردن” المرحوم المهندس كمال جريسات.
المهندس “العُتْقي” في الجيولوجيا والمدير الأبرز لسلطة المصادر الطبيعية المرحوم كمال جريسات أبو ديانا، أعرفه منذ أكثر من 30 عاما، لم أسمعه يوما إلا ويردد إن الأردنيين يملكون ثروات بمليارات الدنانير ويعانون الفقر، فهل تفتح بشرى وزيرة الطاقة هالة زواتي عن تدفقات واعدة في غاز الريشة آمالا جديدة للأردنيين؟
قبل سنوات أثارت الحفرة الغائرة التي كشف عنها مدير مركز الدراسات البيئية في الجامعة الهاشمية الأستاذ الدكتور أحمد ملاعبة التي تقع في منطقة عين العرايس، بين بلدة ملكا ونهر اليرموك، ردود فعل واسعة، واستفسارات عديدة، من قبل مواطنين عطاش لسماع أخبار إيجابية عن حقيقية النفط في الأردن، وهو ما رجّحه الدكتور ملاعبة عن احتمالية وجود – نفط وغاز – في طبقات الأرض السفلى.
حكاية النفط والغاز، تعيد من جديد طرح السؤال الذي لا يقتنع نصف الأردنيين بالإجابة عنه، المتعلق بحقيقة وجود النفط في الأردن، وهو لا ينسجم أبدا مع آراء متخصصين في مجال الطاقة والنفط الذين يؤكدون دائما منذ عشرات السنين، وجود شواهد على توفر النفط في الأردن.
الرواية الشعبية الأردنية تقول: إن ملف النفط في الأردن مغلق لأسباب سياسية، حيث يروج لنظرية محاولة تأجيل اكتشاف النفط فيها ما أمكن للاستفادة من مسألة نضوب المخزون النفطي في المنطقة، كما يروج أن غلق الملف من جانب الدولة حاليا مرتبط بإنهاء الصراع العربي الصهيوني، لكن مع وصول الأوضاع الاقتصادية إلى ما وصلت إليه، فلا بد من فتحه الآن لأسباب اقتصادية وصناعية اضطرارية.
بين فترة وأخرى يرتفع الحديث عن وجود النفط في الأردن، خاصة أن أكثر رواية متماسكة كانت تتحدث عن وجود كميات كبيرة من النفط، إلا أن اكتشافاته مرتبطة بالتسوية السياسية وإيجاد حل ما للقضية الفلسطينية، لان تركيز وجود النفط في الأردن يأتي في منطقة مجاورة لفلسطين وما سمي زورا باسرائيل، وفي البحر الميت تحديدا، فالقصة سياسية وليست اقتصادية.
وروايات أخرى لمختصين تتمتع بمصداقية، تؤكد أن لدينا كميات كبيرة من النفط، لكنها غير تجارية، ولنا في تقرير الشركة الكورية قبل سنوات التي نقبت عن النفط في الأردن شهادة حية على ما يجري في هذا الملف من غموض يفتح مئات الأسئلة.
قصة النفط في الأردن، قضية علمية بالتأكيد، لكن ما وقع خلال السنوات الماضية في هذا الملف يطرح مئات الأسئلة، أبسطها كيف تستثمر شركات عالمية متخصصة في الطاقة، مئات ملايين الدنانير، إن لم تصل إلى المليارات في البحث عن النفط في الأردن، ومع هذا تقوم الجهات الحكومية بإغلاق الملف قبل انتهائه.
هل تذكرون القضية التي وصلت إلى التحكيم الدُّولي بين الحكومة من جهة، وشركة ترانس جلوبال الأمريكية التي كانت مكلفة بالتنقيب عن النفط في الأردن، عندما أنهت الحكومة عقدها، فرفعت قضية ضد الحكومة الأردنية لتعويضها أو تمديد عقدها للعمل في الأردن، لاعتمادها على صحة فرضية وجود النفط بكميات تجارية.
الغريب أن الشركة الأمريكية تطالب بتمديد عقدها، والحكومة في وقتها ترى أن توقعات الشركة الأمريكية مجرد تكهنات، حتى أن خبيرا نفطيا قال يومها: ” إن هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها حكومة تنفي احتمالية وجود النفط في بلادها، في الوقت الذي تعلن فيه شركة نفطية وجود مثل ذلك النفط”.
الشركة الأمريكية طالبت الحكومة ممثلة بسلطة المصادر الطبيعية بتعويض قيمته 700 مليون دينار عما لحق بها من أضرار من جراء إيقافها عن العمل في منطقة امتيازها ” حوض البحر الميت”، فهل يمكن بعد ذلك أن نعتبر القضية فقط تحت بند التكهنات؟
الدايم الله…