بقلم - أسامة الرنتيسي
القيادي الفلسطيني الدكتور صائب عريقات يقف الآن بين يدي رحمة ربه، وأهله؛ بناته التؤأمين وأبناؤه وزوجته ينتظرون لحظة فرج وشفاء، إلا أن متنمرين على كل شيء حتى على رحمة ربنا، يدعون عليه بالهلاك، والموت السريع، وبعبارات لا تليق أن تُجمَع في أحرف عربية، لأنها من القذارة إلى درجة لا يمكن قراءتها.
ليس عريقات وحده شافاه الله (حسب آخر اتصال مع ابن عمه الفنان كمال عريقات كشف عن ان وضعه حتى الساعة التاسعة ليل الاثنين كان في تحسن)، بل لا يسلم من التنمر في الإعلام الحديث أحد.
حملة لا يمكن لشخص تحملها طحنت النائب السابق المحامي اندريه العزوني وفي المحصلة يكون التسجيل مزورا ومجتزأ وحُمّل ما لا يحتمل من بعض الزملاء الاعلاميين، كما حمل كل موجات الخبث في الحملات الانتخابية من قبل منافسين.
جولة بسيطة في مواقع التواصل الاجتماعي تصيبك بالغثيان، بسبب مستوى تعليقات بعض المشتركين الهابطة، الذين يحملون سيوفهم الخشبية في وسائل الإعلام الحديثة، في الفيسبوك وتويتر، وجروبات الواتسب وبعض الفضائيات، ويمارسون أبشع صنوف الحقد والكراهية واللغة البذيئة، ضد من يعارض أفكارهم، لا بل وصل المستوى في اللغة إلى هبوط لا يمكن معالجته إلا بالبتر وكشط الأوساخ من عقول عفنة، مُلفّعة بالبؤس والعتمة والضلال والسوء.
تقرأ تعليقات وعبارات منحطة، تستغرب من أي مستوى بائس خرِب خرج أصحابها، ومن أية منظومة أخلاق ينضحون كل هذا العفن، وتحزن على حالنا نحن الذين نؤمن بحرية الرأي والتعبير وحق الآخر في إبداء رأيه مهما اختلفت معه، لتكتشف أن لا علاقة بين حرية الرأي وما ينشر في هذه الوسائل، حتى يدفعك هؤلاء إلى التشكيك في أصل وجود هذه الوسائل، والهدف من فتحها للعامة من دون أية رقابة قانونية أو أخلاقية.
لم يعد الوضع يُحتمل، ولم تعد قوانين الجرائم الإلكترونية تفي بالغرض، ومهما حاول او هدد المرء باللجوء للقضاء فإن تنمر وتجبر بعض الاشخاص تجاوز كل حدود.
الحقيقة التي يغفلها كثيرون أن أعداد المتنمرين ليست كبيرة، لكن المشكلة الحقيقية في الأصوات العاقلة وهي الاكبر تقرأ حالات التنمر ولا ترد عليها، ولا حتى تلتفت إليها، والعقال هم الاقل مشاركة في الحضور على وسائل التواصل الاجتماعي.
ومشكلة أخرى يعاني منها بعض العقال والمتعلمين وبتوع المدارس (على رأي المسرح المصري) إنهم قد ينشرون ما يصل إلى هواتفهم من الغوغاء والدهماء من دون تحقق، وإذا راجعتهم يعترفون فورا أنهم لم يتحققوا ابدا من مصداقيتها.
المحصلة أنه حتى في الموت، تقرأ تعليقات لا تحترم لحظة المهابة لأشخاص اصبحوا تحت التراب.
الدايم الله…