بقلم - أسامة الرنتيسي
المؤتمر الصحافي للوزرين علي العايد ومحمد العسعس لإعلان أرقام موازنة 2021 كان هادئا وسلسلا ولطيفا.
وكانت الأرقام في معظمها مُطمئِنة، وفيها جرعات كبيرة من التفاؤل، والحديث عن الزيادات والعلاوات، وعدم وجود ضرائب العام المقبل فواتير لزيادة رضا الأردنيين عن الحكومة.
هذا الرضا لم يستمر طويلا بعد الإعلان في اللحظة ذاتها عن ارتفاع معدل البطالة الى 23.9 % في الربع الثالث من عام 2020، عند هذه النسبة يتوقف الحديث عن تصحيح الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي نمر بها، لأن الأرقام المتفائلة جميعها لن تطعم جائعًا ولن توفّر فرص عمل لجيش البطالة الكبير، المتوقعة زيادته في الفترة المقبلة أكثر وأكثر.
كل الكلام الجميل المنمق عن بوادر تحسن الأوضاع العامة والخروج من وطأة جائحة كورونا لن يهبط على الاْرض، اذ لا يرى “سعيد” في الجحفية، ولا “منال” في العقبة، ولا “ابو ناصر” في مخيم الطالبية، ولا “مريم” في الحصن، نتائج إيجابية لهذا الخطاب النظري، وإنما يرون ارتفاعات في مستوى المعيشة، وغلاءً في معظم السلع، وعدم شعور بالأمان في العمل، واستحالة تأمين وظيفة لخريج جامعي ينتظر منذ سنوات على قوائم الخدمة المدنية، ولا يفتح القطاع الخاص أبوابه إلّا بصعوبة بالغة.
يحتاج هؤلاء وغيرهم في مدننا وقرانا وبوادينا ومخيماتنا الى مشروعات انتاجية حقيقية توفر فرص عمل، وتحسن الأوضاع العامة في تلك المجتمعات، فهل يستطيع رئيس الوزراء والفريق الاقتصادي ان يدلّونا على مشروع انتاجي أقيم خلال العشر سنوات الماضية في محافظاتنا غير العقبة، وفّر فرص عمل لأبناء تلك المنطقة؟
هل يستطيع القائمون على صندوق تنمية المحافظات ان يُطلِعونا على ما حققه هذا الصندوق من انجازات اقتصادية ملموسة، غير المؤتمرات وورشات العمل التي تُعقَد لشرح أهداف هذا الصندوق؟.
هل يستطيع الفريق الاقتصادي ان يكشف لنا عن المزايا الإيجابية لقانون الاستثمار الذي لا يجذب مستثمرا، بل يطرد ــ من خلال التعقيدات التي لا تنتهي ــ الاستثمار الموجود؟.
بالمناسبة؛ لدينا الآن وزير للاستثمار، ولدينا رئيس لهيئة الاستثمار، فمن هو المسؤول الاول عن الاستثمار في هذه الحالة، حيث سمعنا أن الوزير لم يدخل مبنى الهيئة منذ تسلمه الوزارة منذ نحو شهرين!!.
لا أحد ينكر صعوبة الاوضاع الاقتصادية ليس في الأردن وحده، بل في المنطقة والعالم، لكن تعبنا من الاستماع الى خطوات التصحيح الاقتصادي، والتزامات صندوق النقد، كما تعبنا من الاستماع الى الخطاب الخشبي حول زيادة المديونية الأردنية، والاستماع إلى أرقام المنح والقروض والمساعدات التي لا تتوقف، التي يتساءل كثيرون إلى أين تذهب؟!.
لن تشتري الفئات الشعبية الفقيرة ــ وللدّقة ــ المعدمة، كل أسطوانات الحديث عن الإصلاح السياسي الشامل، على أهمية ذلك، بأي ثمن، خاصة لإنسان همّه الأول والأخير تأمين لقمة العيش لأطفاله، أو شراء علبة دواء لتخفيف حرارة ابنه المريض، لأنه لا يمكن أن تطلب من إنسان يعيش في ضنك شديد أن يحلم بالديمقراطية والإصلاح السياسي، وأن عليه أن يصفق لأي نجاحات قد تحدث في هذا المضمار.
الدايم الله…