بقلم - أسامة الرنتيسي
أزعم؛ بتواضع شديد، أنني من أكثر مَن كتب وانتقد حكومة الدكتور عمر الرزاز والتعديلات الخمسة الوزارية التي أجراها، كما انتقدت ما قامت به حكومته طوال فترة بقائها في الدوار الرابع، وقلت يوما: “إن الرزاز ليس رجل المرحلة”.
أعترف أيضًا؛ أنني كنت من الأصدقاء المقربين للدكتور الرزاز خلال فترة عمله في وزارة التربية والمواقع الاْخرى، لكن التقويم اختلف عندما تسلم سدة القيادة في الدوار الرابع، حيث لا تنسجم مواصفات القائد الأول مع مواصفات الدكتور الرزاز.
هو محترم جدًا جدًا، وغير ملوث بأية تهمة فساد، لكنه غير حاسم، ولا يمتلك مواصفات المواجهة ولا اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
متردد جدا، يميل إلى تشكيل اللجان هروبا من المواجهة، مثقف تخصصي، شُغُلْ مراكز أبحاث ودراسات، لكنه غير مسيّس، وغير مطّلع على حركات التغيير في العالم.
كل هذا وغيره يمكن أن يقال عن تجربة الرزاز في الدوار الرابع، لكن ما يقال وينشر عنه هذه الأيام بعد سفره إلى الولايات المتحدة، في زيارة خاصة يعود بعد أسبوعين، فيه من الظلم والافتراء والتصيد والاغتيال ما لا يقبله منطق، ولا يستقيم مع أية منظومة أخلاق.
لم يتعرض فاسدون محكوما عليهم بالنقد والتجريح كما تعرض له الرزاز، والأسباب التي تجعل الرزاز في مرمى النقد للأسف معروفة للجميع وهناك من ينفخ في الكير ضده.
أكررها دائما؛ وبيقين لا يقبل الشك، أجزم أن هذه الأفلام والفيديوهات والمنشورات التي تطال شخصيات عامة، وفيها هدف اغتيال شخصية، لا يمكن أن تكون اختراعات لأشخاص يعشقون اللعب بالصور والفيديوهات والفوتوشوب، ويبدعون في تركيبها ومنتجتها وتوظيفها.
إنها أفلام وفيديوهات تنتج في غرف سوداء، لديها ذخيرة كبيرة من الصور والفيديوهات، تُفرج عنها كلما أرادت اغتيال شخص ما، وهي لا يمكن أن تكون بشكل عبثي، ولحظي، بل مبرمج، بمنهجية خطيرة.
لا أعتقد أن منتجي هذه الحملات الخطرة بعيدون عن أعين الأجهزة الأمنية وأجهزة المراقبة عمومًا، فالآن وسائل التكنولوجيا كلها تخضع لمراقبة معيّنة، مهما كان الشخص عبقريًا في التهكير وتجاوز أعين الرقابة.
شركات الاتصالات يمكن من خلالها تتبع كل المكالمات والرسائل ورصدها، وقد عشنا قبل نحو فترة قرصنة مكالمات في حادثة الاعتداء الشهيرة عند مجمع جبر، فاهتم الجميع بشكليات القضية وتداعياتها، ولم يتوقف أحد عند قرصنة المكالمات والحريات الشخصية ومدى صونها.
القضية ليست بسيطة، والحملات التي تمس حرمات الأشخاص وحرياتهم، يمكن أن تتطور إلى قضايا مختلفة، واغتيال الشخصيات مرفوض بكل الاعتبارات، ومن لديه شيء على شخص فالمحاكم مفتوحة، أما غير ذلك فهذا لعب بالنار.
ما يُجرى بحق شخصيات من وزن الرزاز وغيره من الشخصيات، اتفقنا معها او اختلفنا، هي بالتصنيف السياسي اغتيالات منظمة ومتعمدة، وفي بعدها الشخصي انتقامية.
الدايم الله….