بقلم - أسامة الرنتيسي
لم أتخيل أن تمر صور المرضى في مستشفى البشير وهم يفترشون الأرض ولا يجدون أسرة في الطوارئ، ويعترف بذلك علنا مدير المستشفى ويعلن انه أبلغ وزير الصحة السابق بالأوضاع الصعبة التي يمر بها المستشفى ورد عليه الوزير “دبر حالك”.
لكن لا تتعجب فأنت في الاردن، وكل “مُر سيمر”….
في الدول التي تحترم كرامة مواطنها، هذا المشهد، وهذا الرد، وهذه اللامبالاة تسقط فيها حكومات، ولا يمكن أن تمر مرور الكرام.
منذ بداية أزمة كورونا، كان السر المخفي في عملية الحظر الطويل والإغلاقات المدمرة خوفا من فحص الأوضاع الكارثية للقطاع الصحي العام والمستشفيات الحكومية التي نعلم جميعنا واقع أحوالها قبل الكورونا، وكيف كان المواطن “المسخّم” يعاني الأمرين إذا اضطر أن يدخل أقسام الطوارئ فيها أو يفرض عليه القدَر ان يبيت على أحد اسرتها.
طبعا؛ كل شيء في بلادنا يمر مرور الكرام، ولو فكرنا بالأحوال التي وصلنا إليها الآن في الوضع الوبائي، وفي أوضاع مستشفياتنا، وواقع وزارة الصحة وكادرها، لما بقيت الحكومة السابقة خاصة رئيسها ووزير صحتها بلا محاكمة في الأقل شعبيا.
يبدو أن كل الأرقام السابقة التي كنا نتخّدر بها، والحركات التي كانت تفرض علينا، والجلد الذي استمرأ وزير الصحة السابق على قذفه في وجوهنا بأننا كمواطنين سبب الكارثة لأننا لم نلتزم الكمامة وحركات الوزير ومبالغاته كانت تحدد الأوضاع النفسانية للمواطن الأردني.
ما الذي كان يمنع وزير الصحة السابق من تجهيز مستشفيات ميدانية، أو مراكز فحوصات في مواقع كثيرة، حتى اكتشفنا أن الأوضاع الحالية كارثية، وان مستشفياتنا أضعف من ان تستقبل الأعداد المصابة.
فعليا، ما هي الخطط والبرامج التي نفذها عبقري “بنشف وبموت” على المستوى اليومي وعلى المدى الطويل والاستراتيجي غير قراءة الملخص اليومي لعدد الإصابات، مع انه منح عدة أشهر للتجهيز لم نحن فيه الان.
حالة الرعب التي يعيشها المواطن الأردني هذه الأيام من الارتفاعات المذهلة لأرقام الإصابات، والمرعبة لحالات الوفيات، يتحمل مسؤوليتها وزير الصحة السابق الذي أمضى الأشهر الأولى وهو لا يتحدث بالأرقام الواقعية، حتى اكتشفنا أننا كنا “ننام في العسل” على فحوصات قليلة وأرقام غير دقيقة للمصابين.
قليلون؛ وأنا (بتواضع شديد) لم نكن على قناعة بجدوى الرسائل الإعلامية والصحية التي كان يطلقها وزير الصحة السابق، ولم نتفاجأ بالارقام الحالية التي ضربتنا من غير أن نكون مستعدين لها، لا صحيا ولا نفسانيا، وتحدثنا أكثر من مرة بضرورة تغيير البرامج والخطط التي يتم فيها تخدير المواطن الأردني.
في بداية الأزمة كانت سمعتنا في المحيط العربي والعالم مفاجئة للجميع، وكانوا غير مصدقين، حتى كان السؤال ماذا فعل الأردنيون حتى ينجون من هذه الجائحة، لنكتشف وهم أيضا اكتشفوا اننا كنا غير دقيقين في أرقامنا، ولا خططنا ولا برامجنا…وكله تمثيل في تمثيل…
الدايم الله….