بقلم - أسامة الرنتيسي
لست من المتشائمين، لكن أعتقد (وأتمنى أن يكون الاعتقاد خطأً) مشروع خدمة العلم الذي أعلنته الحكومة لم يُدرس بعمق، إنما جاء ضمن ترتيبات سريعة تجريها الحكومة وهي تعيش أيامها الأخيرة.
حتى التفاصيل التي أعلنتها الأربعاء ما زالت في مجملها غير واضحة، لهذا كانت التعليقات والملحوظات عليها أكثر مما وصلت القناعات فيها، وأجمعت الآراء أن المشروع الذي تتحدث عنه الحكومة بشروطه الموضوعة مصمم للفقراء فقط ومن لا يستطيع تأمين وظيفة، وليس بالشكل القديم الذي يتغزل به الناس.
مثل “ضربة مقفي” جاء قرار الحكومة في موضوع خدمة العلم، وقد ذكّرنا هذا القرار بقرار حكومة الدكتور هاني الملقي عندما أُشغلت البلاد والعباد في مشروع مدينة عمان الجديدة، فغادرت الحكومة الدوار الرابع، وغادر المشروع معها، مع أن أكثر من نصف الحكومة الحالية بمن فيهم الرئيس كانوا ضمن الفريق الوزاري الذي أقر المشروع، فكيف تم التغاضي عنه فورا، ودفنه بطريقة حولته إلى استهزاء، وما زال البحث جاريا عن الخمسة مسؤولين فقط الذين يعلمون موقع المدينة الجديد.
كل المؤشرات والمتطلبات الدستورية تقول إن موعد رحيل الحكومة بات وشيكا، فهناك انتخابات نيابية بعد 60 يوما، وتعيين مجلس أعيان جديد متطلب دستوري قبل نهاية أيلول (سبتمبر) الحالي، ومن الأفضل حل مجلس النواب قبل تعيين مجلس الأعيان لانه من الممكن ان تتم الاستفادة من خبرات بعض النواب الطويلة في العمل البرلماني بوجودهم في مجلس الأعيان، وإذا تقرر حل مجلس النواب فإن الاستحقاق الدستوري يطال الحكومة فورا، وهذا ما ترجحه معظم القراءات للمرحلة المقبلة.
انطباع المراقب العام حتى المؤيد للحكومة يرى أنها قد أستنفذت كل ملفات بقائها، لا بل تخسر يوميا أكثر مما تكسب بعد حالة الفوضى والارتباك في مواجهة تداعيات ارتفاع أعداد إصابات الكورونا، حتى وصل الأمر إلى أن يتصدر وسم إقالة وزير الصحة صاحب الشعبية الأوسع في الحكومة وسائل التواصل الاجتماعي في الاردن.
في قضية عودة خدمة العلم، حتى لو كان هذا التوجه “ضربة مقفي” لحكومة الدكتور الرزاز، وقد لا تتبناه الحكومة المقبلة، إلا أن الاجماع العام الذي حصل بالموافقة الشاملة على عودة العمل بقانون خدمة العلم ووقف تجميده، يعبر عن مدى حاجة المجتمع له، ليس فقط في جانب معالجة جزئية لأزمة البطالة المتفاقمة، بل حاجة وطنية لتعزيز روح الانتماء والمواطنة والحقوق المتساوية والعدالة، ولهذا فإن لم تتمكن الحكومة الحالية، او التي تليها من تنفيذ هذا المشروع الوطني الكبير، يجب أن يبقى هدفا استراتيجيا لا حياد عنه.
الدايم الله….