ساعات ونطوي صفحة عام مختلف في كل شيء، ونفتح إضبارة عام جديد ربما يكون أكثر اختلافا، نودع العام بحالة تشاؤمية فرضت سياقاتها على عقول الناس، وعلى لقمة عيشهم، فبات الكل يردد ‘الله يستر’، فالكورونا تتطور وتتحور ولا أحد في العالم بمن فيهم منظمة الصحة العالمية قادرٌ على ضبط إيقاع هذا الفيروس اللعين.
رافقت هذه الأحوال أوضاع اقتصادية كانت الأسوأ بالمقاييس كلها على عواصم العالم جميعها، التي عكست فيها الحروب والصراعات والفوضى ضرائب جديدة على حياة الناس المعيشية.
عام بطعم الموت.. يلفظ أنفاسه الأخيرة غير مأسوف عليه، ومن دون كلمة وداع لطيفة، باختصار، كان عاما قاسيا بكل المقاييس.
في الأردن، كما في مصر، وأماكن كثيرة، هناك حزب معارض يتطور يوميا، لا يعارض سياسات ولا يطلب علاوات، بل يعارض الحياة ذاتها، حزب يتزعمه الموت، بلا صحيفة ولا كتاب ولا قراء، شعاره الوحيد، “الراحة الأبدية ”. حزب المنتحرين الذين تتزايد أعدادهم بين الشباب والعاطلين من العمل.
ما الذي يدفع شابا جامعيا الى تعليق نفسه بعمود كهرباء ليودع الحياة بلحظات، وكيف يكون الحبل لعبة طفل لم يتجاوز العاشرة، ليضعه حول عنقه، فيغادر الحياة خلسة عن أم مفجوعة.
كيف يتحول جسر جميل معلق يربط عبدون (أجمل مناطق العاصمة عمان) إلى مكان للانتحار..
في هذا العام ومع أننا نشم رائحة الموت من حولنا، ونسمع أنات المصابين عبر وسائل الاطمئنان عنهم، إلا أننا لم نُغيّر كثيرا في زمن الكورونا.
ومع أن الخوف أصبح محفورا في القلوب تكشف عنه الأعين، وقد انخفض الحديث عن الكورونا والمؤامرة، إلا أننا لَم نصل بعد إلى مرحلة الالتزام المرتجى.
في نصفنا الثاني، فلسطين؛ كان صعبا على القدس وأهلها، وكان عاما قاسيا آخر يضاف الى الاعوام التي سبقته على أهلنا في قطاع غزة، عاما بطعم الدم والجوع والقهر وإنتظار القصف والدمار.
بإختصار؛ وحتى لا تتوالى الانكسارات أكثر، بنظرة سريعة الى عالمنا العربي، نجد ان القضية الفلسطينية ذاهبة الى الضياع بين عباس وحماس، ولبنان يغلي على فساد الانفجار، والسودان مهدد بالانقسام أكثر، والعراق بالتقسيم، وعلى كف عفريت أجندات إيران، واليمن ليس بسعيد، وصحراء المغرب قد تشعل حربا مع الجزائر، والخليج يتوجع من الخلافات وتوسع الطائفية، وسورية تئن من نزف الدم وسنوات الاقتتال، ومصر مخنوقة من النهضة وسدها.
تبحث بين الأخبار التي تتزاحم حولك عن خبر خفيف لتدخل به العام الجديد، فتعلن منظمات حقوقية، نقلا عن ناجين من مركب كان يقل مهاجرين أفارقة، أن عشرات الشباب لقوا حتفهم وسط البحر في أثناء محاولتهم الوصول الى شواطئ أوروبا، بعد ان نفد الوقود من قاربهم، ولم يبق طعام او شراب على ظهر القارب.
نهاية عام يغادرنا فنان مبدع من وزن حاتم علي يترك شامه ليموت في غرفة حقيرة في فندق بالقاهرة بعد أن ضاقت بنا الاوطان….
هل أكمل..؟ أشعر أن صمامات قلبي بدأت تضيق مثلما هي أوطاننا …واحتمالات سقوط المطر.. والجراد الغبي القادم إلى معان لا سمح الله….
كل عام والجميع بخير وفرح وحياة وحب…
الدايم الله…..