بقلم - أسامة الرنتيسي
سنعيش هذا الأسبوع مع ردات فعل الانتخابات النيابية، وما حصل فيها، وما حصل بعدها في بعض المناطق، والتجاوزات غير المبررة لمظاهر الاحتفالات وكأننا تجاوزنا الوضع الوبائي الصعب الذي نعيش.
سوف نسمع من قبل مرشحين لم يحالفهم الحظ “فشات خُلق” وتصريحات نارية واتهامات، ونشاهد فيديوهات غاضبة.
كل ما سوف نراه ونسمعه لا أحد يستطيع الحكم على صحته من عدمها سوى القضاء، وكل فعل احتجاجي إعلامي او غيره، لن يغيّر صوتا في صندوق، ولن يحسم أي اتهام، وحده القضاء هو مكان البحث عن الحقيقة.
حجر الأساس في الحديث المستقبلي الآن ماذا سوف نفعل حتى نتجاوز ثغرات المرحلة الماضية كلها، وكيف نمضي إلى حياة برلمانية ناضجة ذات مستوى نفاخر به.
ثبت بالدليل الملموس، والنتائج، أن قانون الانتخاب هو حجر الزاوية في تطوير الحياة السياسية والبرلمانية، وعلى المدافعين عن القانون الحالي ان يتوقفوا قليلا عما فعله القانون وما نتج عنه.
لم تستطع أية قائمة انتخابية تنجيح أكثر من مرشح واحد فيها، وبهذا لم نغادر مرحلة قانون الصوت الواحد، هذا عدا عن تعزيز سلوكات التخوين داخل القائمة الواحدة.
وحرم القانون أية سيدة الفوز بالتنافس في كل دوائر المملكة مما خفض نسبة النساء في البرلمان، ولولا الكوتا النسائية لكان برلماننا “كله خناشير”.
ومنع القانون تعزيز الوجود الحزبي في المجلس (فاز 12 حزبيا)، طبعا للشفافية ليس القانون هو السبب في غياب الأحزاب فقط، بل لأن الأحزاب ذاتها ضعيفة وغير فاعلة وغير موجودة في الشارع وللأسف أقول “لديها ضعف في النسل”، ولا حل معها إلا بكوتا حزبية في قانون الانتخاب.
منذ أكثر من عامين والحديث يجري عن تطوير قانون الانتخاب، إلا أن بعض المدافعين عنه تمسكوا به، وفرضوا اعتماده لدورتين، الآن بات الأمر لا يحتمل تأجيل البدء فورا في التفكير في تغيير القانون إذا اردنا فعلا ان نعزز الحياة السياسية والبرلمانية والحزبية، أما إذا بقيت شعارات للاستهلاك الإعلامي، فلن تتغيّر الحال أبدا.
منذ سنوات تتسرب ملامح قانون انتخاب جديد أساسه المحافظة على فكرة القوائم وإضافة قوائم حزبية، ومنح المواطن ثلاثة أصوات، صوت للدائرة وصوت للمحافظة وصوت للوطن.
كما تسربت أفكار عن تخفيض عدد أعضاء مجلس النواب، لكن يبدو أن هذا الامر أصعب من إجراء انتخابات يرضى عنها الأردنيون جميعهم، لان المكتسبات من الصعب التنازل عنها.
في العقل الجمعي الأردني أسباب كثيرة لعدم اعتماد قانون الانتخاب بحيث يكون الأردن دائرة انتخابية واحدة كما يدعو إلى ذلك مناصرو قانون انتخاب تقدمي عصري لا يعتمد على إعادة تأهيل وتدوير وإحياء قانون الصوت الواحد بأشكال مختلفة، فهل نتجرأ ونذهب إلى هذا الاتجاه، ولا نبقى في تجارب للأسف في التقويم العام نتراجع من سنة إلى أخرى، ومن دورة إلى دورة أخرى.
الدايم الله…..