بقلم - أسامة الرنتيسي
أعترف لكم أن قلبي ينقبض، كلما خرج مسؤول حكومي وتحدث بزهو وافتخار وثقة عالية: “لا تقلقوا على أموال الضمان الاجتماعي….”.
حتى وزير العمل معن القطامين (رأس الضمان الاجتماعي حاليا) صاحب الشعبية الكبيرة في دولة السوشيال ميديا، لم يتمكن من إدخال الطمأنينة إلى قلوب الأردنيين وهو يتحدث عن برنامج دعم القطاعات المتضررة والأكثر تضررا، مع أنه كان يشعر بالزهو والانجاز على ما سيتحقق، لنكتشف أن البرنامج أبو 200 مليون دينار ممول من المساعدات الخارجية بواقع 144 مليونا، و66 مليونا من رصيد مشتركي الضمان من إصابات العمل.
الحكومة لن تدفع فلسا واحدا، وليس لها حق التفاخر، لان البرنامج على ظهر المساعدات الخارجية، ومن حصة الضمان الاجتماعي.
لا نضيف جديدا عندما نقول إن أموال الضمان الاجتماعي ليست صندوقا استثماريا للحكومات، وليست جزءا من الكفالات التي تقدمها الحكومات عندما تستدين من الخارج، أموال الضمان الاجتماعي هي مِلكية خاصة لمشتركي الضمان، وهي جدار حياة المتقاعدين في مؤسسة الضمان الاجتماعي ولا جدار لهم غيرها.
وعلى سيرة المتقاعدين في الضمان الاجتماعي، هل يصدق أحد أن الزيادة السنوية لآلاف المتقاعدين في الضمان قد لا تتعدى 70 قرشا، آه.. والله سبعون قرشا، لراتب لا يتجاوز 220 دينارا.
هذه الزيادة صيغت بقانون مجحف يعتمد على نسبة التضخم، والتضخم العام الماضي كان قليلا للظروف العامة والعالمية والكورونا، فجاءت الزيادات 70 و90 قرشا.
هذا يعني أن أموال الضمان الاجتماعي حلال على برامج الحكومة وعلى اقتراضاتها من صندوق أموال الضمان الاجتماعي التي وصلت 65 % من موجوداته، لكنها حرام على أصحاب المال الحقيقي من المتقاعدين.
منذ فترة طويلة والحديث يتسع عن مد أيدي الحكومات المتعاقبة على أموال الضمان الاجتماعي، والاقتراض من “تحويشة الأردنيين” بهذا الحجم فهذا بكل الأحوال يدعو للقلق.
إقتراض 65 %، يعني بوضوح؛ أكثر من نصف أموال الضمان الاجتماعي أصبحت في بطن الحكومة، والجميع يعرفون أن الحكومات العبقرية تاجر متفوق لا يخسر أبدا، ولا يعرف حلا سوى الاقتراض.
ليست المرة الأولى ولا العاشرة التي نضم الصوت إلى أصوات المحذرين ونقول: مجنونٌ؛ أي مسؤول، يفكر مجرد تفكير، بالمساس بالجدار الأخير للأمن والأمان لمستقبل الأردنيين، وتحويشة عمر العمال والموظفين، فهو لا يلعب بالنار فقط، بل يحرق ما تبقى من آمال من عمر الأردنيين.
موجودات الضمان الاجتماعي حسب البيانات الرسمية للمؤسسة تصل إلى 11 مليار دينار، وحسب حراس المؤسسة المؤتمنين تصل إلى 12 مليار دينار، والاختلاف يعود لتقدير الموجودات بالقيمة التي تم شراء أراض بها، هذه الأموال هي ملك الأردنيين، وآخر الاحتياطات التي يتعكزون عليها وقت الشدة، فحذار حذار الاقتراب منها.
للضمان الاجتماعي رافعة شعبية تدافع عنه بكل إخلاص ومسؤولية، جمعية متقاعدي الضمان الاجتماعي، التي تأسست منذ 11 عاما، التواصل معها ومع رئيسها النقابي المحامي أحمد القرارعة ضرورة مهمة لتوسيع قاعدة المشاركة والمشاورة لحماية جدار ظهر الأردنيين الأخير.
الدايم الله….