بقلم - أسامة غريب
السمات الشخصية لكل إنسان تلعب دوراً كبيراً فى تحديد اختياراته فى الحياة، وإذا طبقنا هذا على العاطفة الدينية التى تدفع الشخص إلى الانتماء إلى كيان أو ناد أو جمعية، فإننا سنجد أن الشخص المتدين سوف يتوجه إلى جماعة تُشبع حاجاته النفسية، وتنسجم مع دوافعه واستجاباته. على سبيل المثال، الشخص الشجاع الجسور المقدام الذى يمتلك قلباً من حديد وجرأة فيما يتصور أنه الحق.. هذا الشخص سوف يتوجه تلقائياً إلى الجماعات الجهادية المتبنية للعنف، ولسوف ينضوى تحت جناح داعش أو الجهاد أو القاعدة أو النصرة أو أى تنظيم مشابه يرى فى القتل سبيلاً لإعلاء كلمة الله والدفاع عن مبادئ الدين. أما الشخص الجبان الرعديد الذى يخاف من خياله ويفزع من اتخاذ موقف واضح ويميل للانسحاق إزاء المتنفذين وأصحاب السلطة.. مثل هذا الشخص إذا ما أراد أن يهدئ عاطفته الدينية المشبوبة سوف يجد فى الجماعات السلفية طريقه الطبيعى، فهناك سيقدمون له خلطة تدخله الجنة دون أن يطلبوا منه تضحيات حقيقية، وسوف يكون كل المطلوب منه تعديلات شكلية يجريها فى هيئته وسحنته وملابسه وملابس زوجته وبناته، علاوة على أدعية ومحفوظات تراثية إذا ما حفظها ورددها آلاف المرات ثم حض غيره على حفظها وكتابتها وترويجها فإن أبواب الجنة ستكون مفتوحة أمامه وفيها الحور العين الذين سيتقلب بينهن جزاءً وفاقاً لكل ما أبداه فى الدنيا من طاعة للأقوياء وتبرير لأفعالهم التى يأباها الضمير والشرف!. أما السادة الانتهازيون الذين يميلون إلى اهتبال الفرص وعقد الصفقات، ولديهم النفس الطويل لبلوغ الأهداف ولو بعد مائة سنة، فسوف يجدون مكانهم الطبيعى فى جماعة الإخوان المسلمين، فهؤلاء يملكون القدرة على الدفاع عن الرأى ونقيضه، كما يستطيعون قيادة المتظاهرين للمطالبة بتحرير القدس، وهم أنفسهم سوف لا يترددون فى قيادة نفس الجماهير لتأييد التطبيع مع إسرائيل التى تحتل القدس!..
كل شىء مباح وكل شىء ممنوع، حلال وحرام، على حسب التعليمات الواردة من قيادة الجماعة. ثم نأتى بعد ذلك لنوع آخر من المتدينين وهم المحبون لمباهج الحياة، الذين يأسرهم الطعام الشهى والشراب البارد، والذين يعتبرون الزواج الكثيف والطلاق السريع من الأشياء التى أحلها الله، لهذا فإنهم يستفيدون من هذا الحِل أيما استفادة، فتجد الموسرين منهم يتخذون الزوجات على هيئة أطقم، أربعات يتلوها أربعات وهكذا.. هؤلاء المحبون للأكل والشرب والنكاح سوف يجدون أنفسهم أكثر فى الطرق الصوفية، وسوف تجد من بينهم الدعاة الذين يقتنصون الفنانات ويبدلون الزوجات الجميلات، وزمان قبل إلغاء الرق والعبودية كانت مخازنهم تعج بالحريم من كل صنف ولون، وكان لديهم الغلمان أيضًا! ويلاحظ أن عملية التسكين فى جماعات تتم على أساس نفسى رغماً عن ماكينات الدعاية التى تملكها كل جماعة، ويمكن تشبيه العملية بأنها أقرب إلى التسكين فى بيت العَدَل الذى يجد فيه الشخص راحته.أما النوع الذى يحترم العقل ويعلى من أهمية الضمير ولا تشغله دولة الخلافة، فهذا على ندرته لن يجد لنفسه مكاناً فى بلاد المسلمين!