بقلم: أسامة غريب
ظهر فيلم «أسير العيون» بطولة محمد الكحلاوى وليلى فوزى وعزيز عثمان ومارى منيب عام 1949. ليس بالفيلم ما يجعله من العلامات في السينما المصرية، ومع ذلك فحجم اللطافة به غير معقول، خاصة إذا علمنا أن بيرم التونسى وأبوالسعود الإبيارى هما من كتبا له السيناريو والحوار.. ليس هذا فقط وإنما أضفى وجود عزيز عثمان ومارى منيب مزيدًا من البهجة والمرح على أحداث الفيلم العادية. وكان مما زاد من جو المسخرة في الفيلم الأغنية العجيبة التي كتبها يونس القاضى بعنوان عيون حبيبى. وللشيخ يونس القاضى تاريخ لطيف مع الأغنية في بدايات القرن العشرين، فهو صاحب معظم الأغانى الخليعة التي ظهرت فترة الحرب الأولى وما تلاها، وقد كتب «اِرخى الستارة اللى في ريحنا» لمنيرة المهدية، و«الخلاعة والدلاعة مطلبى» التي غنتها أم كلثوم و«فيك عشرة كوتشينة» لعبدالوهاب بخلاف وطنياته مع سيد درويش مثل نشيد «بلادى».
يغنى عزيز عثمان في الفيلم أغنية عابثة تقول كلماتها: «عيون حبيبى خُضر وخضرضر. وخدود حبيبى حُمر وحمرمر. وشعور حبيبى صُفر وصفرفر. فرفر يا أخويا يا أخويا فرفر. ساعة ما أشوفه فايت عليا أقول يا ريتنى قبقاب في رجله. ولما إيده تلمس إيديا سكينة حامية تدبح لى عِجله. نهار ما شفته تِعبان قرصنى رقّدنى جُمعة. ولما بُسته ميّل وعاصنى من بُقه دِمعة. محتار في بختى الاسود يا أختى بس أعمل إيه؟ دهنت سبرتو والقلب مورتو أحيه عليه!».
هذه الكلمات تليق بيونس القاضى الرجل الذي كتب كل أنواع الأغانى لكنه تميز أكثر في الخليع منها، والذى من كثرة أغانيه الماجنة اختارته وزارة الداخلية ليكون أول رقيب على المصنفات الفنية، فوجد نفسه مضطرًا من أجل إثبات حياديته إلى حجب معظم أغنياته هو شخصيًا!.. وتليق هذه الأغنية أيضًا بعزيز عثمان الذي كان ظهوره على الشاشة مقرونًا دائمًا بالبسمة والضحكة، فهو صاحب «بطلوا ده واسمعوا ده» و«تحت الشباك» للعبقرى بديع خيرى.
وربما يكون نشيد بلادى هو أهم أغنيات يونس القاضى وأكثرها انتشارًا، لكنى بصراحة لا أحب هذا النشيد وأراه شديد التكلف والركاكة اللغوية، وأن «اسلمى يا مصر» لمصطفى صادق الرافعى أفضل منه كثيرًا.. أما ما أحبه ليونس القاضى فهو أغانى المسخرة مثل أغنيتنا هذه، خصوصًا عند وصفه أول لقاء وأول قُبلة «نهار ما شفته تِعبان قرصنى رقدنى جمعة.. ولما بُسته ميّل وعاصنى من بُقه دِمعة».. هذا كلام ساخر لطيف يضفى بهجة على الفيلم الذي يُغنّى فيه بصرف النظر عن القيمة الدرامية للفيلم، وفى الحقيقة فإن هذه الأغنية هي كل ما بقى من الفيلم بعد مرور ثلاثة أرباع قرن على ظهوره.