بقلم: أسامة غريب
عندما يكون لك ألتراس من المشجعين الداعمين، فإن هذا يكون من علامات القوة ويكون من دواعى السعادة والثقة بالنفس، ومَن لديه جمهور يستطيع أن يعمل وهو مطمئن إلى وجود ظهير مساند لما يعمله، بصرف النظر عن نوع هذا العمل وفائدته.. يستوى فى هذا الفنان والرياضى والسياسى والداعية. عندما ظهر عبدالحليم حافظ فى بداية الخمسينيات صعد معه فى نفس الوقت كمال الطويل ومحمد الموجى وغيرهما من شباب المؤلفين والملحنين. بمرور الوقت صار عبدالحليم نجم النجوم، وفرض آراءه ورؤاه الفنية وغير الفنية على الجميع، وأصبح أقرب الناس إليه يعاملونه على أنه النجم لا الصديق، وربما أن هذا ما رفضه كمال الطويل فابتعد عن النجم الذى لم يعد صديقًا، لأن استقواءه بالناس أنساه أنه واحد من الناس. ولعل نفس الاستقواء بالجماهير هو الذى جعل لاعبًا مثل حسن شحاتة فى السبعينيات يخرج عن شعوره ذات مرة فيسب حامل الراية ويبصق فى وجهه، وفى فترة أسبق قام صالح سليم بصفع لاعب على وجهه فى الملعب، وفى المرتين عجز الحكم عن فعل الأمر الطبيعى والمنطقى وهو طرد اللاعب وكتابة تقرير يؤدى لشطبه من سجلات الاتحاد. حدث هذا على مرأى من المشاهدين، وفى المرتين تم استكمال المباراة كما لو أن شيئًا لم يحدث، بسبب أن الجماهير الغفيرة عطّلت العدالة وأرعبت الحكام!.
أحد مشاهير الشيوخ خرج على الناس فى لقاء تليفزيونى مستنكرًا أن يقوم المرضى بعمل الغسيل الكلوى، لأن ذلك يعطل لقاء الإنسان بربه، كما أيد ترك الأعمى بعاهته دون محاولة علاجه لأن الله خلقه هكذا ليكون عبرة للمبصرين!.. اتخذ الشيخ هذا الموقف الوحشى دون أن يراعى مشاعر المرضى وذويهم الذين يأملون فى رحمة الله وفى منجزات العلم التى قد تحمل كشفًا علاجيًا فى المستقبل بأمر الله.. استقواء الشيخ بالألتراس الخاص به جعله فى حصن إلى يومنا هذا، ويا ويل من يفكر فى انتقاده أو تفنيد آرائه بعد أن صار الإيمان به جزءًا من الإيمان بالإسلام عند ملايين البشر.. ولعلى تعمدت عدم ذكر اسمه حتى أشجع الصحيفة على أن تنشر المقال دون قلق!.
أما جمال عبدالناصر، فقد حملت الجماهير فى سوريا سيارته على الأكتاف، وفى مصر كان حبه فى القلوب غير مسبوق، ولا يساويه سوى حب الناس فى كوريا الشمالية للزعيم كيم إيل سونج.. فى ظل هذه الشعبية تعرضنا لأقسى هزيمة، ومع ذلك لم يجد من يحاسبه لأنه كان فى حماية الجماهير.
طبعًا، لا يستطيع كريستيانو رونالدو أو سيلين ديون ولا بابا الفاتيكان أو الرئيس ماكرون أن ينسى نفسه أو يتجاوز العقل والقانون مستندًا إلى الألتراس، لأن هذا يحدث عندنا فقط!.