المجانين فقط يفعلونها

المجانين فقط يفعلونها

المجانين فقط يفعلونها

 صوت الإمارات -

المجانين فقط يفعلونها

أسامة غريب
بقلم: أسامة غريب

أخبرنى أحد أصدقائى بأن لديه هدفا يسعى بجدية لبلوغه، وأن هذا الهدف على بساطته شديد الصعوبة ولا يقدر على بلوغه إلا أولو العزم أصحاب الإرادة الصلبة، ذلك أنه يحتاج إلى قدرة هائلة على الاستغناء والترفع والاستعلاء على الدنايا. سألته عن ماهية هذا الهدف فقال: أرغب فى مقاطعة أى شخص أطلبه على المحمول ولا يرد، لأنه من المعلوم أن التليفون المحمول يبين بوضوح المكالمات الفائتة ويعرفك من الذى اتصل بك عندما لم يكن التليفون فى متناولك. سرحت وأنا أستمع من صديقى إلى هذه الأمنية العجيبة، لكنى رأيت أن أبصّره بأن صعوبة الهدف تكمن فى أنه يتعارض مع السلوك العملى الذى يتدرب عليه الناس طيلة أعمارهم، وأصبحوا الآن يأخذون فيه دورات وكورسات تعلمهم ماذا يفعل الإنسان الذى يرغب فى علاقات طيبة ومصالح سالكة مع الآخرين. زدت على ذلك بأن قلت: يا أخى.. هلا عذرت الناس، فربما كان من تطلبه مريضاً أو مشغولاً أو فى موقف صعب أو حالة نفسية لا تسمح له بالحديث مع أحد، فكيف تأخذ منه موقفاً حاداً لهذا السبب البسيط مع أن خير الناس أعذرهم للناس؟. قال: ليس عن هذا أتحدث وإنما أقصد الإهمال العمدى فى الرد، أتحدث عن شخص لديه انتفاخ نفسى يتعامل باستهانة مع الآخرين متصوراً أن الناس ستتحمل قلة ذوقه طالما كانوا محتاجين إليه.. شخص هو نفسه لديه استعداد للحس بلاط من يحتاج إليهم!

قلت محذراً: إن كتب التنمية البشرية التى يتعلق بها الناس بشكل مجنون والتى تداعب أحلام الشباب فى كيف تكون مديراً ناجحاً وكيف تكون جذاباً للجنس الآخر وكيف تصبح مليونيراً فى زمن قياسى، تلك الكتب التى تعلم الناس إرشادات السلوك وتحقيق النجاح وتأخذ بأيديهم للوصول لأعلى المناصب تعلى من أهمية المرونة والليونة وامتصاص الصدمات، وتتحدث عن فوائد كبت الانفعال ورسم الابتسامة، مع توطين النفس على احتمال قدر من قلة ذوق البشر ومقابلة الإساءة بالإحسان.ثم مضيت مكملاً: ليست الكتب فقط هى من تعلم الناس تقديم التنازلات، ولكن المصالح المتداخلة والحياة المعقدة تصل بهم إلى نتيجة مؤداها أن قدراً من التناحة ضرورى لتفويت الفرصة على من يريد التهام حقوقهم وإضاعة فرصهم. ثم ختمت خطبتى الحماسية بالقول: لكل هذا وأكثر منه فإن الوصول لهذا الهدف الذى تسعى إليه ليس سهلاً بالمرة، ذلك أن تحقيقه قد يلحق الضرر بمصالحك ومصالح من تحب، وقد يعطل مكاسب كان من الممكن أن تحصل عليها، وقد يقطع علاقات وينهى صداقات كانت مثمرة أو حتى واعدة.

بدا على صديقى أنه اغتم لسماع إجابة لم يتوقعها منى، وأنا من جانبى سارعت بالانصراف قبل أن أضعف وأعترف له بأنه محق تماماً فى أمنيته بمقاطعة الأنذال، لكنى أخشى عليه من شجاعة قد تؤذيه وأشفق عليه من أيام صارت الفضائل فيها عبئاً على أصحابها!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجانين فقط يفعلونها المجانين فقط يفعلونها



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:01 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السجائر في الإمارات بعد تطبيق الضريبة الانتقائية

GMT 12:14 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 07:44 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يعلن موعد عرض فيلم "الفلوس"

GMT 12:06 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

دندن يبحث سبل تعزيز التعاون مع جمعية الشارقة الخيرية

GMT 16:46 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

تخفيض دائم على سعر جوال "OnePlus 2" إلى 349 دولار

GMT 08:23 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

توزيع جوائز القصة القصيرة بالتعاون مع مؤسسة "بتانة" الثقافية

GMT 11:42 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

المصممون يضعوا لمسة "الأهداب" الأنيقة لأحذية الرقبة

GMT 23:56 2015 السبت ,11 تموز / يوليو

الأمطار تغرق المناطق المنخفضة في روالبندي

GMT 07:31 2013 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

"THQ" تُقرر عدم إصدار لعبة "Avengers"

GMT 09:19 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

واريورز ينتصر على دالاس مافريكس في دوري السلة الأميركي

GMT 08:25 2015 السبت ,14 شباط / فبراير

ظهور ضوء مبهر وصوت هائل في سماء نيوزيلندا

GMT 10:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أمل رزق تستعد للمشاركة في مسلسل "للحب فرصة أخيرة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates