عبدالناصر والبناء على الرمال

عبدالناصر والبناء على الرمال

عبدالناصر والبناء على الرمال

 صوت الإمارات -

عبدالناصر والبناء على الرمال

أسامة غريب
بقلم: أسامة غريب

تكثر الكتابات حول جمال عبدالناصر كلما اقترب تاريخ مولده أو وفاته أو هزيمته فى 67، وينشط المحبون والشانئون فى تدبيج المقالات دون أن يقولوا جديداً، ودون أن يتأثر أفراد أحد الفريقين بما يقوله الفريق الآخر، ويبدو أن تكرار النقد والإشادة يهدف إلى تثبيت المفاهيم لدى أعضاء كل طرف وليس محاولة إقناع الطرف الآخر. والراصد المحايد قد يندهش، لأن الفريق الغارق فى العشق إلى أذنيه يعدد حسنات وإنجازات تتعلق بالتحرر الوطنى والميل لإنصاف الفقراء، وهى إجمالاً حقيقية وصحيحة، لكنه يغفل عن الكوارث والنكبات ولا يتطرق إليها أو فى أحسن الأحوال يبررها ويؤكد حتمية حدوثها. يندهش الراصد الموضوعى أيضاً من الفريق الغارق فى الشنآن والكراهية إلى ركبتيه عندما يصور الرجل كشيطان يمشى على قدمين، ليس لديه هدف سوى خراب مصر!.

الأمر الطريف أننى فى كل مرة أكتب عن شأن يخص عبدالناصر فإن بعض القراء المحبين يعربون عن إشفاقهم علىّ، لأنه على حد قولهم: دراويش الزعيم سيمزقونك إرباً!.. ومع ذلك فإننى ألاحظ أن عشاق الزعيم، وبعضهم من أصدقائى الأعزاء، لا يفكرون فى الرد أبداً، وفى الغالب يكتفون بالجز على الأسنان فى غيظ صامت! وسبب الصمت يعود إلى أننى لم أكتب أبداً أن عبدالناصر أضاع مصر عندما بنى السد العالى وفتت الرقعة الزراعية وحرم الأرض من الطمى... إلخ هذا الهراء الذى يحب الناصريون أن يسمعوه لأنه يعطيهم الفرصة لالتهام لحم قائله وقرقشة عظامه.. يحب الناصريون أيضاً أن يقرأوا ما يكتبه الإسلاميون من خصوم الرجل- إخوان وسلفيين ووهابيين- عن أن عبدالناصر كان كافراً، خاصة أن هؤلاء الكواحيل دائماً ما يعرضون «مانشيت» شهيراً لصحيفة «عكاظ» يقول: عبدالناصر كافر بإجماع العلماء!.

نعم.. يحب الناصريون هذا الكلام لأنه يكشف عن خبل كارهى الزعيم وخطل تفكيرهم ورؤاهم القاصرة فى السياسة والحكم.

فى التعرض لسيرة عبدالناصر لا أكتب الكلام الفارغ السابق أبداً ولا أتنكر مطلقاً لإنجازات الرجل، لكننى ببساطة أقول إن ناصر كان يبنى على الرمال.. كل إنجازاته كانت عبارة عن بناء على الرمال، بدليل أنها لم تصمد بعد وفاته وتم تدميرها جميعاً دون أن يهب أحد للدفاع عنها، ذلك أن الزعيم قام بإعاقة المجتمع المدنى الذى كان كفيلاً بالدفاع عن مكاسبه. البناء الوحيد الذى كانت له أساسات أسمنتية غائرة فى الأرض هو الدولة القمعية العنيفة. وطبيعى أن الإخوة الناصريين لا يستطيعون الرد على هذا الكلام وادعاء أن زعيمهم كان ديمقراطياً مؤيداً للحريات، محباً لسيادة القانون وداعماً للعمل النقابى والطلابى الحر.. لذا فإنهم يغضبون فى صمت خشية أن يردوا بكلام لن يكون إلا فارغاً!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبدالناصر والبناء على الرمال عبدالناصر والبناء على الرمال



GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 01:23 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

بمناسبة المسرح: ذاكرة السعودية وتوثيقها

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 11:13 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ابنة كورتيني كوكس تقتبس منها إطلالة عمرها 20 عامًا

GMT 04:12 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

«فورس بوينت» تحذّر من نشوب حرب إلكترونية باردة 2019

GMT 15:44 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الصداع النصفي المصاحب بأعراض بصرية يؤذي القلب

GMT 16:55 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

سيارة هوندا سيفيك تتمتّع بإطلالة جريئة ومُتفرّدة

GMT 17:40 2013 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

برنامج ماجستير الدراسات الأمنية في "جورجتاون" في قطر

GMT 15:51 2013 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض فى بون يظهر تأثير الحرب العالمية الأولى على الفن
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates