فن إدانة الضحايا

فن إدانة الضحايا

فن إدانة الضحايا

 صوت الإمارات -

فن إدانة الضحايا

بقلم - أسامة غريب

بعد نهاية الحرب الباردة لم يعد من عدو يتوجه إليه القصف السينمائى الدعائى الأمريكى سوى العرب والمسلمين، وتم إنتاج عشرات الأفلام التى تظهر الوحشية والاستهانة بالحياة من جانبنا فى مقابل الوداعة وحب الحياة لديهم. وفى الحقيقة تطوف بالذهن لدى مشاهدة أفلام من هذا القبيل أن قصف ملجأ العامرية ببغداد بواسطة الطائرات الأمريكية وقد كان يعج بمئات النساء والأطفال دفنوا جميعا تحت الأنقاض كان يصلح لعمل عشرات الأفلام، وكذلك الغارة الإسرائيلية على قرية قانا التى كان ضحاياها من الأطفال، وبالطبع هناك الغارة الشهيرة للصهاينة على مدرسة بحر البقر الإبتدائية بمصر والتى أوقعت تلاميذ المدرسة الصغار ما بين قتيل وجريح.

خلال العدوان الإسرائيلى الأخير على غزة لاحظت أن التعاطف مع الضحايا الفلسطينيين قد وصل إلى الحد الأدنى فى وسائل الإعلام، ولم أستطع أن أبعد عن تفكيرى فكرة أن السينما الأمريكية التى يهيمن عليها اليهود لها دور فى سحب التعاطف عن الضحايا العرب. وفى هذا الشأن يمكننى أن أرثى لخصوم الأمريكان، والإسرائيليين بالتبعية الذين يواجهون صراعا غير متكافئ يتحولون فيه على يد صناع الأفلام إلى وحوش بشرية فى منتجات سينمائية تستخدم الصورة والألوان والحوار والموسيقى والمؤثرات لإقناعك بفكرتهم وجعلك تكره أعداءهم وتبكى لأجل ضحاياهم، مستبعدا تماما فكرة أن هناك ضحايا على الجانب الآخر قام الأمريكان والإسرائيليون بقتلهم دون رحمة.. ومعظمهم للأسف من المدنيين!. قدمت السينما الأمريكية الجندى الأمريكى باعتباره حامل رسالة الخير والسلام فى مواجهة همجية جنود النازى، مع أن الواقع يقول إن الفريقين ارتكبا بحق بعضهما وبحقنا أيضا كل أنواع جرائم الحرب!.

وكان لنفس السينما دور مشهود أثناء الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتى حيث وصلت إلى المتفرج العادى فى كل أنحاء العالم صورة عن الروسى السخيف البارد، القاسى، الخالى من المشاعر، مقابل الأمريكى الحالم خفيف الظل والذى هو رب أسرة عطوف كذلك!.

إننى أتصور أن قيامنا بعرض الأفلام الأمريكية المصنوعة ببراعة والتى تنقل وجهة نظرهم فقط فى موضوع الإرهاب مع غياب إنتاج فنى يقدم قصص وحواديت الثكالى من أبناء جلدتنا قد ساهم فى إحداث تعاطف لدى جانب كبير من الجمهور لدينا مع المآسى الأمريكية والإسرائيلية، والتى هى فى النهاية رد فعل محدود الأثر على مجازر رهيبة وقعت بحق الإنسان العربى.. وقد ساهم هذا التعاطف فى انصراف المواطن العربى عن متابعة القصف الإسرائيلى لقطاع غزة بعدما أصبحوا ينظرون للمأساة الفلسطينية على أنها تقف عائقا فى سبيل استمتاعهم بالحياة دون تنغيص، وحاجزا أمام إقامة علاقات كاملة بالشقيق الإسرائيلى الذى أصبحوا ينظرون إليه بإعجاب!.. وهذه فى ظنى هى الهزيمة الحقيقية التى لعبت السينما فيها دورا أساسيا، حيث دأبت على تكريس فكرة العربى المتوحش، وذلك قبل قتله وسط ترحيب الجميع بمن فيهم قسم معتبر من الجمهور العربى!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فن إدانة الضحايا فن إدانة الضحايا



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates