نوايانا السوداء

نوايانا السوداء

نوايانا السوداء

 صوت الإمارات -

نوايانا السوداء

أسامة غريب
بقلم: أسامة غريب

لقد توقف إسهامنا نحن العرب فى الحضارة منذ ما يزيد على الألف عام. كل هذه القرون ونحن عالة على ما يكتشفه الآخرون ويخترعونه. هم يفكرون ويجتهدون ويخترعون وحصيلة هذا كله تصلنا ونحن على مؤخراتنا قعود. وقد يستدعى هذا سؤالاً عما كنا يا تُرى فاعلين لو أننا كنا أصحاب المنجزات الحضارية، فقمنا باختراع التليفون والسيارة والقطار والطائرة والثلاجة والغسالة والدفاية والراديو والتليفزيون والموبايل والكمبيوتر والبندقية والقنبلة والصاروخ والمدفع؟

أغلب الظن أننا كنا سنستأثر بهذه المخترعات ولم نكن لنجعلها متاحة لغيرنا بالتبادل والتصدير، باعتبار أن الآخرين هم الكفار الذين لا يصح أن نواليهم فنقدم لهم عصارة فكرنا ونجعلهم يستمتعون بما نستمتع به ويستخدمون ما نستخدمه لتوفير الوقت والجهد وتيسير الأعمال. هل ترانى أبالغ عندما أتصور أننا كنا سنحرم الغرب الذى يسميه البعض منا «الغرب الصليبى»، إشارة إلى أنه عدو يتعين مواجهته لا التعاون معه.. نحرمه مما توصلنا إليه من مخترعات ونُقصرها على أنفسنا حتى لو كان فى تصديرها نفع لنا وتدوير لمصانعنا وتشغيل لعمالنا وأموال تتدفق إلى خزائننا؟. فى ظنى أننى لا أبالغ وأن الفتاوى كانت ستصدر وقتها بتحريم هذا التبادل التجارى لأن أمواله مهما كثرت فلسنا فى حاجة لها، لأن التعامل مع هؤلاء الناس يغضب الله ورسوله، وبالتالى فإن أموال التجارة معهم لن تكون بها بركة وسوف نبوء بالخسران إذا جعلنا رزقنا مرتبطاً بالتعاون مع الكافرين.

أما إذا هبطنا من علياء الخيال وعدنا إلى أرض الواقع فسوف نجد أن الغرب هو الذى اخترع كل ما ينفع الناس ويمكث فى الأرض، ولم يكن دورنا يزيد عن دور المتفرجين الذين يهللون للعبة الحلوة. ولعلنا نلاحظ أن أصحاب هذه المخترعات كانوا أكرم منا وأكثر إنسانية عندما أشركونا فى كل ما اخترعوه ولم يُقصروا ناتجه على أنفسهم. أعرف أن صوت أحد الأنطاع يرتفع الآن بأنهم لم يقدموا لنا منتجاتهم من باب الإنسانية وإنما من بوابة البيزنس لأجل أن نكون سوقاً استهلاكية لما تُخرجه مصانعهم، الأمر الذى يعود عليهم بالنفع فيجدون فرصاً للعمل والكسب وتحقيق الذات. وهذه بطبيعة الحال حقيقة لا يُجدى إنكارها ولكن للأمر وجهة أخرى هى أنهم لو كانوا ينظرون لنا نفس نظرتنا إليهم باعتبارنا الكفار الذين لا يصح التعامل معهم لما رحبوا بأن يبيعوا لنا ويكسبوا منا، لكن نظرتهم وإن كانت نفعية إلا أنها أكثر شمولاً وإنسانية واعترافاً بآدمية الآخر وأهميته وإدراكاً بأن قدراً من التقدم بالنسبة للآخرين هو أمر ضرورى حتى لا ينقسم العالم إلى معسكر البشر ومعسكر المتوحشين.

عموماً، ربنا كان لطيفاً بعباده فلم يجعلنا نكتشف شيئاً أو نخترع شيئاً لأنه أعلم بنوايانا السوداء!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نوايانا السوداء نوايانا السوداء



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates