توزيع موسيقى من الباطن

توزيع موسيقى من الباطن

توزيع موسيقى من الباطن

 صوت الإمارات -

توزيع موسيقى من الباطن

أسامة غريب
بقلم - أسامة غريب

بعد اتفاقية السلام بين السادات وإسرائيل، رأى الرئيس المصرى أن السلام الجمهورى قد استنفد أغراضه ولم يعد صالحًا فى العصر الجديد. وكانت مصر قد اتخذت نشيد «والله زمان يا سلاحى»، الذى كتب كلماته صلاح جاهين ووضع موسيقاه كمال الطويل، لحنًا قوميًا يُعزف فى اللقاءات الرسمية، كما يردده التلاميذ فى الصباح عند تحية العَلَم. ومن المعروف أن «والله زمان يا سلاحى» قد ظهر أثناء العدوان الثلاثى على مصر عام 1956. أراد السادات أن يقطع الصلة بين مصر وبين التغنى بالسلاح والاستعداد للحرب وفضل أن يهيئ الرأى العام المصرى لتقبّل إسرائيل كدولة طبيعية يمكن التعايش معها. ومن الواضح طبعًا أن هذه المشاعر الطيبة لم تكن متبادَلة، وإنما كانت من طرف واحد بدليل إقدام مناحم بيجن على قصف المفاعل النووى العراقى فى يونيو 1981 بعد لقائه بالسادات مباشرة على نحو يوحى بالاتفاق والتواطؤ، وطبعًا كان السادات بريئًا من هذه التهمة، وإن لم يكن بريئًا من حُسن الظن بالقتَلة الذين صادقهم.

المهم أن السادات وقع اختياره على نشيد «بلادى» لسيد درويش ليكون رمز مصر فى عصر السلام، وفى رأيى أن هذا الاختيار يعبر عن ذوق ضعيف وغياب للإحساس بالكلمة لأن المتأمل بهدوء للكلمات يتبين بسهولة الركاكة التى كتب بها يونس القاضى هذا النشيد رغم أن عبقرية سيد درويش الموسيقية قد نجحت فى إخفاء ضعفه اللغوى والتعبيرى. وقد رأى الكثيرون وقتها أن الأَوْلَى هو العودة إلى النشيد القديم «اسلمى يا مصر» لمصطفى صادق الرافعى، الذى كان النشيد الرسمى بين عامى 1923 و1936، غير أن اختيار السادات حسم الأمر. بعد ذلك طلب رئيس الجمهورية من الفنان محمد عبدالوهاب، فى تكليف رسمى، أن يقوم بتوزيع النشيد وقيادة الفرقة الموسيقية لعزفه للمرة الأولى. يحكى الفنان كمال الطويل، فى لقاء تليفزيونى، أن عبدالوهاب أسقط فى يده ولم يدْرِ ماذا يفعل إزاء هذا التكليف، والسبب أنه لم يقم طوال حياته بتوزيع أى لحن، فهذه لم تكن وظيفته، وقد تكفل الموزعون العظماء دائمًا بتوزيع ألحانه، ومنهم على إسماعيل وأندريه رايدر والأخوان «رحبانى».

طبعًا لم يستطع عبدالوهاب أن يصارح السادات بهذا الأمر، خاصة بعد أن أنعم عليه الرئيس بلقب اللواء وألبسه زيًا عسكريًا ليقود الفرقة. لجأ عبدالوهاب إلى عازف الأوكورديون، الفنان مختار السيد، الذى كان قد اعتزل العزف واتجه إلى التوزيع الموسيقى، فأدى الرجل المهمة على خير وجه، بعد أن أخذ مقاولة التوزيع من الباطن، ثم وقف الموسيقار الكبير يقود عزف نشيد بلادى متظاهرًا بأنه صاحب التوزيع. وفى الحقيقة فإن ما حدث قد ظلم الفنان مختار السيد ومنع عنه تكريمًا مستحقًا وأعطاه لعبدالوهاب. صحيح أن موسيقار الأجيال لم يكن فى حاجة إلى المزيد من التكريم أو الاعتراف بنبوغه وعبقريته، وصحيح أيضًا أن توزيع النشيد لا يمثل إضافة إلى الكنوز الفنية التى تركها لنا، ومع ذلك فإن وضع اسم مختار السيد كصاحب التوزيع كان هو الأصح والأصدق.. إذا كنا ننشد الصحة والصدق!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

توزيع موسيقى من الباطن توزيع موسيقى من الباطن



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates