بقلم:أسامة غريب
رغم أن الضربة الإيرانية ضد إسرائيل جاءت متأخرة، فإنها أنقذت إيران من ضربة مدمرة كانت ستتعرض لها على يد إسرائيل بمساعدة مباشرة من حلف الناتو. أما بالنسبة للرد الإسرائيلى على الصواريخ الإيرانية فإنه واقع بكل تأكيد لكنه سيكون محسوباً، وسوف تتخلى إسرائيل أثناءه عن الجنون الذى ميز تحركاتها طوال الشهر الماضى. من المؤكد أن الطائرات الإسرائيلية قادرة على قصف إيران، لكن بعدما تعرضت له القواعد الإسرائيلية من دمار، فإن تل أبيب ستضع فى اعتبارها أن الطائرات التى ستقصف إيران قد لا تجد ممرات للهبوط بالقواعد الجوية وهى عائدة.
نعلم أن الإسرائيليين يضعون فى اعتبارهم وجود بعض المطارات الغربية كبدائل يمكن استخدامها فى حالات الضرورة، ومع ذلك نكرر أن ما ذاقته إسرائيل فى الأول من أكتوبر سيجعل ردها على إيران منضبطاً.
وفى الحديث عن الضربة الإيرانية الكبيرة، يسوؤنا أن نذكر أن بعض الإعلام الدولى وبعض الإعلام العربى سقطا فى امتحان المهنية والنزاهة. رأينا مذيعة عربية تتحدث مع جنرال إسرائيلى وتتبادل معه الضحكات بسبب وصفه للضربات الإيرانية بأنها تشبه فرقعات البمب التى يلعب بها الأطفال. هو يكذب وهى تشاركه السعادة بأكاذيبه، والغرض إطفاء فرحة الناس فى عالمنا العربى وفى تركيا وماليزيا وجنوب إفريقيا وكل مكان يئن من الإجرام الإسرائيلى المنفلت.
أما فضائية سى إن إن الأمريكية فقد كانت تنقل القصف من مكتبها بتل أبيب على الهواء من خلال كاميرا القناة الموضوعة فى الشرفة المطلة على وسط المدينة، وكان المذيع وزميلته ينقلان صور الشرارات اللامعة فى جوف الليل، وعلى حين غرة سقط صاروخ على ناطحة سحاب مواجهة لمكتب القناة فإذا بالكاميرا تشيح بناظرها وتبتعد عن المبنى المحترق لتنقل صورة أخرى بعيداً عن تأثير الصاروخ الإيرانى الذى حوّل المبنى إلى كتلة لهب!.
أىّ إعلام هذا الذى تأتيه على طبق من فضة صورة كهذه فيرفضها ويبعد الكاميرا عنها، فى أداءٍ إعلامى أقل ما يوصف به أنه خسيس وفاقد للحياء والمهنية.. كل هذا من أجل حماية إسرائيل من أن يطلّع العالم على خسائرها، ويأتى هذا تلبية لنداء رئيس الأركان الصهيونى الذى ناشد الجميع عدم نشر صور الدمار ولا عدد القتلى فى أى مكان يكونون به. يحدث هذا فى الوقت الذى يتحدثون فيه عن أن الضربة الإيرانية لم تكن أكثر من مسرحية!.
طيب إذا كانت هكذا، فلماذا أنشأت إسرائيل سحابة إلكترونية فوق القواعد الجوية التى تعرضت للقصف بحيث يتعذر على الأقمار الصناعية رؤية ما وقع بها من خراب؟. ورغم ذلك، فقد سجلت الأقمار بعد الضربة مباشرة صور فتحات كبيرة فى أسقف حظائر الطائرات بما يؤكد أن بعض طائرات إف ٣٥ التى تتمركز فى قاعدة نيفاتيم قد أصابها الدمار.
من الطبيعى أن تتكتم إسرائيل على خسائرها، حرصاً على معنويات المستوطنين القتلة، لكن لماذا يقوم الإعلام الغربى وبعض العربى بنفس المهمة؟!.. ومع ذلك فإن آلاف التليفونات المحمولة تكفلت بنقل حقيقة ما حدث رغم أنف الإعلام!.