بقلم: أسامة غريب
مئات الملايين من المسلمين يؤمنون بأن الفنون حرام وأن السبى واجب وقتل من يُغيّر دينه ضرورى، ويؤمنون كذلك بوجوب تزويج الطفلة الصغيرة، ورغم ذلك فهناك أصوات تتحدث عن أن هذا ليس الإسلام الحقيقى. إذا صدقنا أن هذا ليس الإسلام الحقيقى فمن الضرورى أن نعترف بأن الإسلام الحقيقى هو ذلك الدين الذى لا يؤمن به عموم المسلمين!.
وفى ظنى أن من يقول إن الفن حلال لا يقل سخافة عمن يفتى بحرمته، ذلك أن الفن به الجيد وبه الردىء، أما مسألة حلال وحرام فغير واردة. ومصيبتنا فى فننا تكمن فى أن صُناع الأفلام يعرفون أن الجمهور فى غالبيته يتكون من أولئك الذين يؤمنون بحرمة الفن ومع ذلك لا يمانعون من الفرجة! ولأجل هؤلاء تم اختراع الفن النظيف تمييزًا له عن الفن الطبيعى الذى أصبح يضايق المشاهدين بعد أن تخربت فطرتهم وغاب عنهم الوعى! ولهذا فإننا أصبحنا نشاهد أفلامًا من أولها لآخرها عبارة عن رقص شرقى، يشارك فيه الرجال قبل النساء مع وجود مُغنٍّ يرتدى بدلة حمراء أو فوسفورية ويظل يصرخ طوال الفيلم بغناء بذىء رقيع ركيك سيئ الكلمات وخالٍ من الموسيقى باستثناء الإيقاع الذى يرقص عليه البطل والبطلة وأصدقاؤهما، إلى جانب رواد دور العرض الذين يتمايلون على كراسيهم فى توحد وجدانى مع الفيلم. نسيت أن أقول لكم إن هذا النوع من الأفلام الصاخبة البذيئة التى تم حشوها بكميات هائلة من لحم الأفخاذ والصدور تخلو من القبلات تمامًا لأن البوس عيب!
يُقبل على هذا النوع من الأفلام المؤمنون الجدد الذين يعتقدون أن الفن حرام، ومع ذلك فإنهم قد يقبلون بالفن النظيف الذى أسلفنا مواصفاته باعتباره يمثل حلًا وسطًا بين الأفلام التى تحمل أفكارًا ومضامين لا يحتملها هذا النوع من الإيمان البائس، وبين التحريم الكامل للفن.. هى مرحلة على طريق الهداية، ولهذا تجدهم يطلبون من الله أن يسامحهم أثناء هذه الفترة القلقة من حياتهم التى لم يتمكن فيها الإيمان تمامًا من القلوب، ومن سمات هذه الفترة القلقة ارتداء الفتيات للحجاب مع بنطلون وبلوزة فاجرتين، وكذلك ظاهرة الشاب المتحرش الذى يؤدى الفروض فى أوقاتها.. لكن هذا كله عبارة عن مخاض ضرورى قبل الوصول للإيمان الكامل الذى سيأتى حتمًا والذى سوف يتبعه بيع التليفزيون ومقاطعة السينما وارتداء النقاب. ومن الغريب أنه أثناء الفترة القلقة التى يعيشها هؤلاء الناس لا يسمحون لأنفسهم برؤية فيلم لمحمد خان أو خيرى بشارة أو داوود عبدالسيد أو محمد أمين، لكن أفلامهم أثناءها لا تخرج عن أعمال سعد الصغير ودينا ومحمد رمضان!.