عم سنون

عم سنون

عم سنون

 صوت الإمارات -

عم سنون

أسامة غريب
بقلم - أسامة غريب

اصطدمتُ به، بينما كنت أسير مسرعًا نحو بيتنا القديم، الذى لم أذهب إليه منذ فترة. كان يرقد داخل كرتونة على الرصيف فى الظلام بحيث لا يبين هو ولا كرتونته. كدت أقع مَكْفِيًّا على وجهى لولا أن استندت إلى شجرة بمنتصف الرصيف.

سمعت أنينه خافتًا، فأطللت برأسى على البائس الراقد أسفل بطانية قذرة فوجدته هو.. نعم هو إبراهيم سنون البلطجى الصغير الذى كان يجوس داخل منطقتنا بالظاهر طوال الوقت. كان هذا فى زمن الطفولة عندما كان كل الناس أصدقاءنا.. لم نكن نكره أحدًا أو نستعلى على أحد.. ولماذا نستعلى إذا كنا كلنا أحباب الله؟!

فى ذلك الوقت كان الأطفال الذين نلعب معهم بالشارع ينقسمون إلى ثلاثة أنواع: النوع الأول التلامذة المماثلون لنا من جيران السكن الذين يدرسون بمدرستنا أو بالمدرسة المجاورة، والنوع الثانى هو الصنايعية أو صبيان الصنايعية الذين يسكنون معنا لكن أهلهم بدلًا من إرسالهم إلى المدرسة فضّلوا أن يُلحقوهم بالورش حتى يتعلموا صنعة يأتون منها بقرش ينفع فى الأيام السوداء (بالمناسبة كل أيامنا سوداء منذ وعيت على الدنيا حتى الآن)، فكان منهم صبى النجار وصبى المنجد وصبى الجزمجى. النوع الثالث من أطفال حينا هم الذين لا يدرسون ولا يعملون لكن يتسنكحون ويمارسون البلطجة ورمى الجتت على الناس للخروج بثمن اللقمة والسيجارة.. نعم كان الأطفال فى مثل سنى من أولاد الشوارع يدخنون السجائر والسبارس.

العجيب فى تلك المرحلة العمرية هو أننا لم نكن نجد غرابة فى مصادقة المُهمَّشين والسناكيح لأننا لم نكن نعرف أنهم مُهمَّشون وسناكيح!.. كنا نراهم أطفالًا مثلنا، ولم نكن نعرف الفرز الطائفى أو الثقافى أو الاجتماعى، ذلك الذى عصف بنا بعد أن كبرنا وأصبح المتعلمون منّا يستنكفون أن يُشاهَدوا بصحبة رفاق الطفولة من الصنايعية وقبلهم طبعًا الصيَّع والسرسجية!

مازلت أذكر أننا التلامذة كنا أكثر شقاء من رفاقنا الصنايعية والمتشردين، إذ كان النوعان السالفان يمتلكان الفلوس التى نفتقدها، وبها يشترون ما نشتهيه ولا نستطيع الحصول عليه، مثل تأجير دراجة أو الذهاب إلى السينما.. شىء شديد الغرابة أننا نحن الذين كنا نقاسى الحرمان!

فى ذلك الوقت كان المعلم سنون يعيش فى ميدان بركة الرطلى داخل عشة صفيح بناها لنفسه على الرصيف، وكانت تسكن معه امرأته زغَدَانة.. لا أعرف إذا كان هذا اسمها الحقيقى أم لا، لكنه الاسم الذى كانت النساء يطلقنه عليها، وابنته مانّا وابنه إبراهيم.

لم تكن للأخ سنون شغلة أو مشغلة.. كان طوال الوقت يشتم أفراد أسرته ويبصق على الرائح والغادى من جلسته على الشلتة على حافة العشة حيث يطل على الشارع، حتى أتى يوم وركن إلى جواره بائع تين شوكى وقف يبيع إلى جوار رصيف عم سنون.. ونكمل غدًا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عم سنون عم سنون



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان
 صوت الإمارات - عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 17:54 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زيت النخيل مفيد لكن يظل زيت الزيتون هو خيارك الأول

GMT 04:49 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

وحيد إسماعيل يعود لصفوف الوصل

GMT 19:51 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

شركة "سامسونغ" تحدد موعد إطلاق أول هواتفها القابلة للطي

GMT 22:19 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف إلى خطة مدرب الشارقة لمواجهة الوحدة

GMT 03:33 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

لقاء ودي بين محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي

GMT 02:31 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كيف تحمى طفلك المريض بضمور العضلات من الإصابة بفشل التنفس ؟

GMT 03:01 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يسدل الستار على فعالياته الثلاثاء

GMT 11:49 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

بلدية العين تنفذ حملات تفتيشية على 35 مقبرة

GMT 21:50 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

جينيف سماء ملبدة بغيوم الحنين والبهجة

GMT 22:54 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"سامسونغ" تُطلق ذراع تحكم بالألعاب لهواتف أندرويد

GMT 10:58 2013 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

"كلاكيت" رواية جديدة للكاتب محمد عبد الرازق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates