بقلم: أسامة غريب
قلت له: عظيم يا صاحبى.. يبدو أننا سنسمع أخبارًا حلوة قريبًا. وبالفعل، لم تكذّب الأقدار نبوءتى، فقد سمعنا أخبارًا حلوة بعد يومين من لقائى هذا بحسن..
كانت الأخبار تقول إن نبيلة قد تمت خطبتها لصديقنا كمال سعفان، وهو واحد من أعضاء الشلة، كان قد تخرج منذ أربع سنوات، وعمل مع أخيه بشركة السياحة المملوكة لهذا الأخ. كان كمال كثير الأسفار مع الأفواج التى يصطحبها إلى الأقصر وأسوان والغردقة، لكن عودته للقاهرة كانت تضفى على الجلسة حيوية بما يحمله معه من حكايات عن الأجنبيات اللاتى يتعرف عليهن فى الرحلات. كنا جميعًا نتصور أن المطاف سينتهى به وقد تزوج ألمانية أو إيطالية من بطلات رواياته، لكن لم يخطر ببالنا أنه يضع نبيلة تحت عينيه، حيث لم يحدثنا بشأنها قط!. ظللت أبحث عن حسن لأفهم منه الموضوع، لكن يبدو أن الصدمة جعلته يحتجب ويتوارى رافضًا لقاء من يسأل عنه، حتى أنا!. بعد مرور عدة أيام،استطعت أن أقابله، وكان متكدرًا للغاية، ولم يبدِ أن لديه إجابات شافية. قال بصوت متقطع تملؤه الدهشة: لقد كانت الأمور بيننا تمضى بشكل طيب وتتقدم من حسن إلى أحسن.. صحيح أننى لم أحدّثها عن الخطوبة والزواج، ولكنى قصدت أن تأخذ المسائل راحتها ومجراها، وحلمت بأن أعيش معها قصة حب.. قصة حب مُشبعة، بها الشوق واللهفة والانتظار وفرحة اللقاء، لكنها لم تمهلنى.. لقد اعتدنا أن الفتاة عندما يتقدم لها خاطب فإنها تخبر من هى معه حتى يتصرف قبل فوات الأوان. قاطعته قائلًا: الآن تقول هذا؟!.. هل نسيت أننا كنا نتخذ موقفًا ساخرًا من البنت التى تريد الزواج ولا نستحى أن نقول إنها «غير صالحة لأنها عايزة تتجوز»؟.. هل نسيت أنك أنت بالذات كنت تتندر على الفتاة التى تفعل ذلك وتتهمها بأنها تختلق مسألة العريس حتى تستحث الزبون وتجرّه من رقبته للقاء والدها؟!.
ردّ والدهشة لا تزال ترتسم على ملامحه: حتى لو كان هذا رأيى فى السابق، فقد كان بإمكانى التأكد من موضوع كمال سعفان، وأنّ الأمر جدٌّ لا هزل فيه، لكن صاحبتنا هذه قبلت الخطوبة ببساطة وكأننى غير موجود. قال هذا وهو ينظر إلىَّ ليتأكد من أننى أفهمه، ثم مضى متسائلًا: هل من الطبيعى أن ألتقيها الأسبوع الماضى ثم أخطبها على الفور؟.. هذا ضد طبيعتى وضد طبيعة الأشياء.. هل كانت متلهفة على الخطوبة والزواج إلى هذا الحد؟، هل كانت تحب كمال وتغيظه بى؟ أنا لا أعرف ماذا حدث.. لقد كانت معى، وفى اليوم التالى تمت خطبتها.. هل هذا معقول؟.. لقد صدمتنى وآلمتنى بشدة ولا أدرى كيف واتتها الجرأة لتفعل هذا بى.
قلت له: ألم تتحدث إليها لتفهم منها حقيقة الأمر؟. قال: كلّمتها فى التليفون فردت بشكل طبيعى وقالت: بارِك لى يا حسن.. أنا اتخطبت!.. وللحكاية بقية.