أربعة عشر يوماً

أربعة عشر يوماً

أربعة عشر يوماً

 صوت الإمارات -

أربعة عشر يوماً

أسامة غريب
بقلم: أسامة غريب

بعد قضاء ليلة كاملة داخل خيمة الحجر الصحى للتيقن من سلامة ركاب الطائرة، سمحوا لنا بالخروج وأركبونا أتوبيسات أوصلتنا لمكان الحقائب. ظللت فترة أتجول بين الحقائب المتراصة على الأرض بحثاً عن شنطتى دون جدوى، لكن سرعان ما وجدت نفسى رغم التعب والإعياء أضحك بشدة.. أى حقيبة هذه التى أبحث عنها؟ لقد خرجت من مصر وليس معى سوى شنطة يد صغيرة بها اللاب توب وكتابان. من الواضح أن قضاء الليلة داخل خيمة العزل دون نوم قد أثر على تفكيرى. لقد تعمدت أن أسافر دون حقائب نتيجة اقتناعى بنصيحة طبية قالت إن الشنط المكدسة داخل مخازن الطائرات يمكن أن تلتقط الفيروس بالتلامس من بعضها البعض.

أخذت سيارة أجرة من خارج المطار أوصلتنى إلى البيت. من حُسن الحظ وجود بيت مستقل يمكن أن أمضى فيه فترة العزل الإجبارى التى شددوا عليها فى المطار. كان المجىء إلى هنا بالأساس هدفه أن أكون مع أفراد أسرتى الذين يعيشون بهذا البلد، لكن شاءت ظروف الوباء وإجراءات السلامة المتبعة ألا أستطيع رؤيتهم قبل انقضاء فترة الأسبوعين. إنهم يقيمون على مقربة منى ومع ذلك فقد آثرت أن أفترض الأسوأ وأقضى فترة العزل وحدى. الأنباء التى نقرأ عنها بشأن الوباء جعلتنى فى شدة الخوف من أن أكون حاملاً للفيروس دون أن أدرى وجعلتنى متوجساً من أن تكون ملابسى قد التقطته.. لهذا فقد أخذت بالأحوط وخلعت الملابس بالحديقة قبل الولوج للبيت وتركتها فى الشمس ثم جريت إلى الحمام وأخذت دشاً مطولاً. على الرغم من التعب، فقد عجزت عن النوم وظللت أحملق فى سقف الغرفة وأنا فى غاية الدهشة من الأيام العجيبة التى نعيشها.. ترى هل ننجو من الجائحة ونجلس لنحكى عنها فى قادم الأيام؟ تُرى هل تلهمنى هذه الأحداث لكتابة عمل أدبى مثل الأعمال التى قرأناها كالطاعون لألبير كامو أو الحب فى زمن الكوليرا لماركيز؟.

لم أستطع النوم فصعدت إلى سطح البيت وكانت الساعة الثامنة صباحاً، لكن الشارع كان خالياً بصورة غير معتادة أبداً فى مثل هذا الوقت من اليوم، ورغم عدم وجود حظر تجول رسمى فإن الناس قد ألزمت أنفسها بالبقاء فى المنازل. ماذا لو تسللت خارج البيت ومشيت فى الشارع وحدى..هل تنهدّ الدنيا؟ صحيح أننى قد وقّعت إقراراً بعدم الخروج بعدما قرأت العقوبات المقررة للمخالفين، ولكن هل هناك من يراقبنى الآن ليعرف إذا كنت قد خرجت أم لا؟.. من الواضح أن الوحدة فى الأيام القادمة ستجعل أفكاراً أكثر جموحاً تدور برأسى ويستحسن ألا أبدأ اليوم الأول بمثل هذه الأفكار.. المشوار لا يزال طويلاً، وجائز جداً أن تكون هذه الخلوة سبباً فى التعرف على الذات مثلما يقول الصوفية، ومن الوارد أن أخرج من هذه العزلة بشىء نافع.. وللكلام بقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أربعة عشر يوماً أربعة عشر يوماً



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان
 صوت الإمارات - عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 17:54 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زيت النخيل مفيد لكن يظل زيت الزيتون هو خيارك الأول

GMT 04:49 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

وحيد إسماعيل يعود لصفوف الوصل

GMT 19:51 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

شركة "سامسونغ" تحدد موعد إطلاق أول هواتفها القابلة للطي

GMT 22:19 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف إلى خطة مدرب الشارقة لمواجهة الوحدة

GMT 03:33 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

لقاء ودي بين محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي

GMT 02:31 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كيف تحمى طفلك المريض بضمور العضلات من الإصابة بفشل التنفس ؟

GMT 03:01 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يسدل الستار على فعالياته الثلاثاء

GMT 11:49 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

بلدية العين تنفذ حملات تفتيشية على 35 مقبرة

GMT 21:50 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

جينيف سماء ملبدة بغيوم الحنين والبهجة

GMT 22:54 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"سامسونغ" تُطلق ذراع تحكم بالألعاب لهواتف أندرويد

GMT 10:58 2013 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

"كلاكيت" رواية جديدة للكاتب محمد عبد الرازق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates