سُقيًا لتلك الأيام

سُقيًا لتلك الأيام

سُقيًا لتلك الأيام

 صوت الإمارات -

سُقيًا لتلك الأيام

أسامة غريب
بقلم - أسامة غريب

كان من الشائع فى صباح يوم الجمعة أن أجد بعض أصدقائى وقد حمل الواحد منهم عدة زجاجات من البيرة، وذهب ليعيدها لمخالى بعد أن شربها الأب الليلة السابقة فى المنزل بموافقة الأم التى رفضت أن تترك رجلها لمخالى ليلة الجمعة!. وطبيعى أننا كنا رغم حداثة السن نتغامز بخصوص السيدات اللاتى تقوم الواحدة منهن بقلب الدنيا فوق دماغ رجلها بسبب الشرب طوال أيام الأسبوع، لكنها تتحول للأم تريزا فى المحبة والغفران مع سبعها مساء الخميس!. ومن العجيب أننا كنا نتذوق آخر قطرتين موجودتين بكل زجاجة لنعرف بماذا يحس هؤلاء الرجال عندما يشربون، وكان يروعنا فى كل مرة المذاق المر للبيرة، ولا أنسى علقة ساخنة نلتها عندما شاهدنى والدى أفعل هذا، وكان منطقه: إن أباك لا يفعلها وأنت الذى تشرب؟.. ورغم أن أبى لم يكن يقرب الخمر فإن سكّيرة الحى كانوا أصدقاءه، وقد سمعته ينهى أمى عن الدعاء عليهم عندما كانت مشاجراتهم الليلية تصل إلينا.. كان يقول لها: اطلبى لهم الهداية لا الحرق.. مَن يعلم الظروف التى تضطرهم لهذا؟.. ومع أننى عانيت من شدته فى الطفولة، فلا يسعنى سوى الاعتراف له بقدرة كبيرة على التسامح مع الضعف البشرى والحنو على الجنوح.

امرأة واحدة من الجيران كانت تختلف عن نساء الحى، وكنت أحبها كثيرًا، هى الست وداد.. كانت وداد تجلس مع زوجها فى بلكونة الدور الأرضى يشربان البيرة من وقتٍ لآخر عند المساء دون أن تبالى بنظرات الدهشة والاستنكار فى العيون، وكنت أغبط جرأتها واستمتاعها بحياتها كما يليق بامرأة حرة مع زوجها عم فؤاد. لم يكن لأبلة وداد أبناء فكانت تعتبرنا جميعًا أبناءها، وكان بيتها مفتوحًا لتلامذة الحى تدرس لهم بالمجان، وقد كنا نحب الذهاب إليها لنحظى بسندوتشات المربى ودروس اللغتين الإنجليزية والفرنسية، ولم تكن تمانع أن نستعير من مكتبتها بعض القصص التى لم نقم بإرجاعها أبدًا. كل هذه المودة والمحبة التى طبعت علاقتها بنا ومع ذلك لم تكن تسلم من لسان بعض النساء اللاتى أشعن عنها قصصًا كاذبة، لأنهن لم تحتملن كل هذا الكم من الصدق والنظافة فى إنسان!

وعلى الرغم من إعجابى بعالم مخالى فى الطفولة فقد كنت أشعر بالأسى لأبنائه الذين كانوا معنا فى المدرسة، وكانوا يتعرضون لكم هائل مما نسميه اليوم التنمر، ولم يكونوا يسلمون من الإهانات اللفظية للزملاء الذين تفننوا فى السخرية من أبيهم، خاصة الإفيه الذى أطلقه طفل سافل من أصحابنا على مخالى، وهو أن بصقته هى التى «زحلقت» الترام الذى انزلق على القضبان ذات مرة ومضى يحفر الأسفلت!.

سُقيًا لأيام ترام 17 الذى كان يمر بجوار دكان مخالى، وعذرًا للركاب الذين كثيرًا ما نالتهم بصقاته بعيدة المدى دون ذنب جنوه!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سُقيًا لتلك الأيام سُقيًا لتلك الأيام



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates